الأربعاء، 11 أغسطس 2010

أسرى فلسطين في مصر..بين المطحنة و المعجنة







قبل كتابة هذه السطور, تذكرت سؤالاً...أيهما أرحم للأسرى الفلسطينيين..السجون الصهيونية, أم السجون المصرية؟!!

مما لاشك فيه أن السجون الصهيونية أرحم بكثير من السجون المصرية, فاليهود الذين اعتادوا على الجرم القبيح الذي لا يغالطه إلا عميل وخائن أصبحوا أكثر رقياً ولو بشكل ضئيل في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين, على عكس أنظمتنا العلمانية التي تُحارب الدين وتمييعه, بل وتحارب كل من فكر_ ولو لحظة_ أن يعترض على وجود الكيان اللقيط, وهذا ما تفعله مصر الشقيقة في حق شباب غزة المدفون حياً في سجون مصر...

إنه من المشين في حقنا كمصريين أن نسمع أن هناك مسلماً شريفاً جاهد ضد اليهود,و يقبع في سجون مصر بين الترهيب و التعذيب للإدلاء بشهادات تخص أسلحة حماس أو عن مكان شاليط, ولا أدري أشرٌ أريد بأهل غزة أن يكمنوا بين مثلث الرعب المكون من الكيان الصهيوني, وسلطة العمالة, والنظام المستذئب الذي كال لشعبه ولشعوب المسلمين أشد العذاب؟!!...

إن دماء يوسف أبو زهري شاهدةً على ظلم هذا النظام و أجهزته في حق إختيار الشعب الفلسطيني لحركة حماس كتنظيم يتحدث عن معاناته ويدافع عن حرماته..لقد تابعت حوار إبراهيم أبو مسعود رئيس شرطة خان يونس الذي جاء إلى مصر لعلاج والده, ولم يسلم مرض والده أن يشفع لاحتجازه في قسم التعذيب المصري...تجرع ألواناً عدة من التعذيب ما بين صعق وضرب وسحل وتجويع للإدلاء بتصريحات عن مكان "شاليط"..

وما دخل مصر بمعرفة مكان "شاليط" ؟!! أعجزت عن تحليل مقتل 55جندي مصري على الحدود؟!! أعجزت عن تحليل خروب مجندات إلى إسرائيل؟!! أعجزت عن حل أزمة النيل المتواجدة؟!!ثم هل انتهت خسة النظام في تبريره للجدار العازل؟!!!ثم أيضاً لماذا الإعتقال للشباب الفسلطيني, أهو الخوف الذي حلَّ عليكم أهل العمالة على الإسلاميين الذين اختارتهم شعوبهم ليتحدثوا عن مشاكلهم؟! لماذا كل هذا الخوف من التيار الإسلامي؟!!هل انتهيتم من محاكمة قتلة خالد سعيد, حتى تتجهوا إلى محاكمةالشباب الذين حملوا القرآن و الصاروخ في مواجهة المد الصهيوني؟!!

إنني أرى أن هذا النظام إما أن يعترف بردته و بإتجاهاته الصهيونية, أو أن يعتزل مجتمعاتنا الساذجة التي طأطأت رأسها للأعوجِ...ليس غريباً على شاب قضى مدة ثماني سنوات من عمره خارج غزة, ويرجع إليها, وتحتضنه السجون المصرية قبل رؤية أهله..

نعم هذه حالة ليست بجديدة على هذا النظام القمعي الذي طال آذاه القاصي و الداني أن يقوم بتعذيب الشاب "طلال" بالصعق بالكهرباء التي أقلها في الرأس, و الوخز بالإبر, و الضرب بوحشية في أماكن حساسة..

يقول هذا الشاب: "فور وصولي إلى مطار القاهرة الدولي وتقديم جواز السفر لموظفي الأمن حضر عدد من رجال الشرطة واقتادوني إلى غرفة داخلية في المطار وبقيت محتجزا فيها عدة ساعات تمكنت خلالها من الاتصال بعائلتي وأبلغتهم بالأمر وبعدها صادروا هاتفي المحمول ثم وضعوا الكيس على راسي وقيدوني ودفعوني داخل سيارة كما يعامل المجرمون واللصوص".

ثم يتايع : "وما هي إلا ساعة أو ساعتين لا أدري بالضبط، وإذ بي أجد نفسي في مكان أسمع فيه صراخ أناس وأصوات ضرب وتكسير، عندها أيقنت أنني في قسم التحقيق في جهاز أمن الدولة المصري سيء الصيت والسمعة....وما هي إلا لحظات حتى انهال علي بالضرب في جميع أنحاء جسدي وحينها أيقنت أنني وقعت فريسة لوحوش لا يعرفون للإنسانية معنى". مضيفا "بعد أخذ بياناتي وضربي في المرة الأولى دخلت إلى قسم التحقيق، حيث كان المحقق يوجه لي أسئلة عديدة وغريبة عن المقاومة وأماكن تخزين السلاح والنشطاء في غزة وفي سورية"

ثم يتابع  :"وفي كل مرة كان يزداد الضرب إلى أن فوجئت بوضع جسم غريب على صدري وحينها شعرت بجسمي يرتج بقوة فأدركت أنني أمام جهاز للصعق الكهربائي الذي كنت أسمع عنه عبر وسائل الإعلام وفي أثناء ذلك كان شخص آخر يقوم وخزي بالإبر إلى أن انهرت وأغمي علي..استيقظت في غرفة قذرة دون معرفة التوقيت حتى جاءني محقق آخر في جولة تحقيق جديدة، حيث استمرت هذه الجولات دواليك، وكانت أسئلة كافة المحققين تتشابه وتركز على أسماء المقاومين وأماكن تخزين السلاح والصواريخ والنشطاء، قائلا "لم تفلح كافة محاولاتي في إقناعهم بعدم معرفتي شيء بحكم غيابي عن غزة منذ ثماني سنوات وتفرغي للدراسة فقط".




وأضاف قائلاً: "استمر هذا الحال معي في جولات تحقيق متتالية لمدة سبعة أيام تحت الضرب والصدمات الكهربائية والشتم بكافة أنواعه، إلى أن اقتنعوا بعدم وجود معلومات لدي وأنه لا يوجد لي أي نشاط لا من قريب ولا من بعيد، حينها أبلغت من قبلهم بانتهاء التحقيق ونقلي إلى السجن...وفي صباح اليوم الثامن من التحقيق نقلت إلى أحد أقسام الشرطة في القاهرة ومكثت هناك ثلاثة أيام دون أن أعرف شيئا عن الدنيا، حيث كنت معزولا تماما في ظروف بالغة السوء، حيث لم يكن هناك فراش ولا غطاء ولا ماء ولا طعام ناهيك عن الجرذان والحشرات التي تصول وتجول في أرضية السجن...انتقلت بعدها إلى قسم آخر عرفت فيما بعد أنه في الإسماعيلية ومكثت يومين في نفس الظروف السابقة، وفي هذه المرة التقيت بسجناء تعرضوا للتعذيب ورووا لي قصص مؤلمة عما تعرضوا له على أيدي محققي جهاز أمن الدولة"


ثم قال الكلمة المدوية: "لم أصدق حتى الآن أنني بت حرا طليقا، وإن ما تعرضت له من قبل أشقاء مصريين لن يمح من ذاكرتي، فقد كان أمرا مؤلما حقا ولم أتوقعه في حياتي...كنت اعتقد أن تعذيب الفلسطينيين في السجون المصرية هو أمر مبالغ فيه حتى أيقنت بالتجربة أنه حقيقة مرة ويجب أن يتوقف".


لكن الحقيقة أن مصر لم تعد أيضاً ملجأً لأماكن تعذيب الأسرى الغزاويين, بل كانت مرتعاً للقهر و التنكيل بمعتقلي جوانتناموا, ولن ننسى أبداً ما قاله أحد الشباب المعتقلين الذين أقروا في أحد أفلامهم الوثائقية على الجزيرة, أنه بعدما فشل قادة معتقل جوانتناموا من أخذ أي أدلة من هذا الشاب, قاموا بإرساله إلى مصر, ومنها سيضطر إلى الإعتراف, فخرج من مصر وكتب كتباً يسجل فيه اقبح أعمال التعذيب التي جرت معه..

إن هذا النظام الفاشي طُرد من قلوب المصريين, ولا يزال يُسوغ جرائمه بحجة الأمن القومي, و الدفاع عن حرمات الوطن, وهو أعجز أن يدافع عن كرامة أبناء الوطن داخل وخارج الوطن..وسيأتي زمان يُقتص لحق الأبرياء و الشرفاء.

ليست هناك تعليقات: