السبت، 26 يونيو 2010

أيهما أصلح للأمة, وأقرب لفقه الأولويات: التقارب السني السني, أم التقارب السني الشيعي؟!!









بسم الله, و الصلاة و السلام على رسول الله:










تغوص الأمة في لُجج الفتن بعد أن تهاوت هيبتها, وترنحت من مكانتها وصدارتها للأمم الغابرة, وانغمست في بحار التفريق المذهبي, وتشتت الأفكار السوية, ونشبت الحرب الضروس بين حملة الأمل الإسلامي...










كان لِزاماً على حملة الدعوة الإسلامية, ومُريدي الحركة الربانية أن ينتفضوا سعياً وراء إنقاذ ما تبقى من شلوٍ ممزعٍ, وقامت جماعة الإخوان المسلمين بعد سقوط الخلافة العثمانية العتيقة بأربع سنوات, يحدوها الأمل الذي طالما أراده كبراء المسلمين وعقلائهم ألا وهو توحيد المسلمين...










قام الأستاذ حسن البنا -رحمه الله- جاهداً على توحيد الصف المسلم ضد عدوه الجاثم على صدره لينهب خيراته ويدنس مقدساته وليُعظم من فجوره وزلاته, فقام بالليل و النهار,في المقاهي و النوادي, في المساجد و المصانع, في المدن و النجوع آملاً أن يُكرمه الله بجيل يحمل همَّ هذه الأمة ويسعى لتحقيق مصالحها, وجعل من أولوياته: ليُعن بعضنا بعضاً فيما اتفقنا فيه, وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه..









كانت هذه المقولة امتداداً لمقولة الأستاذ رشيد رضا الذي قال: الإختلاف في الرأي لا يُفسد من الوُد قضية, في إشارة لكليهما أن الأمور الخلافية لم تك قط محوراً مُهماً لتصحيح الأوراق, أو لتمهيد طريق, أو لتوحيد أمة...










وبما أن أحد متطلبات الإخوان الكبرى هو وحدة الأمة كما فعل الناصر صلاح الدين -رضي الله عنه- بعد توحيده للشام ومصر, فإن سعي الإخوان له منحى آخر, وسؤال يدور في ذهني.....هل الأعضاء الكرام _سواء أكانوا إخواناً أم غير إخوان_ فعلاً يؤيدون التقارب السني الشيعي؟!! أم أن أولوياتهم في هذه المرحلة هي التقارب السني السني؟!!..










وللإجابة على هذا السؤال المُريب أن الأستاذ حسن البنا لم يكُ قط مُعيراً بالاهتمام للتقارب السني الشيعي, ولعل البعض يستشهد بزيارة محمد تقي الدين القمي المرجع الشيعي لمكتب الإخوان المسلمين, لكن ما وراء الحدث أكبر بكثير....لأن الأستاذ البنا كان لديه الأولويات بعملية الإصلاح الدستوري في مصر, ومطاردة الإنجليز, وجهاد اليهود في فلسطين, ومتابعة شؤون الجماعة, وأيضاً بالدعوة إلى الله لانتشال الناس من تشرذم الفكر وسطحية الموضوعات والانسياق وراء الهوى إلى نور الهداية وعظيم الأخلاق وجلال الانتساب لهذا الدين, فكل هذه المسئوليات كانت تُشغل الأستاذ البنا عن مُحاولة التقريب المذهبي بين الفرقتين في إشارة إلى وحدة الأمة, ولعل الأستاذ البنا لم تكن لديه المعرفة الكاملة بما يدور في أفلاك الشيعة و التشيع, فكان يدعوا فضيلة الشيخ محب الدين الخطيب ليناظر المرجع الشيعي أمامه...










والسؤال يطرح نفسه....هل مقولة الأستاذ البنا: "والإخوان المسلمون يرون في الهيئات الإسلامية على اختلاف ميادينها تعمل لنصرة الإسلام، ويتمنون لها جميعًا النجاح ولم يفتهم أن يجعلوا من منهاجهم: التقرب منها,والعمل على جمعها, وتوحيدها حول الفكرة العامة" تقتصر على الهيئات السنية أم الهيئات الشيعية؟!!! أم أنها تقتصر على كلا الهيئتين؟!!!










ولأن الإخوان يرون أن رسائل الأستاذ الشهيد هي حركة الجماعة وفكرها, فبالتالي تكون إصدارات الجماعة الإعلامية ناطقاً عما فهمته من هذه الرسائل, ولعل أن مسألة التقريب كانت ولا زالت مسألة شائكة في صفوف الأمة الإسلامية بأسرها, إلا أنها أيضاً ما زالت حاجز صد في فكر الإخوان المسلمين, ولعل أن أحد الإخوان من مدينة المحلة الكبرى حين سأل مجلة الإخوان المسلمون عن مسألة التقارب السني الشيعي في نص سؤاله الذي يقول: "نرجو إيضاح موقف الإخوان من مذهب التقريب بين المذاهب الإسلامية بعد أن أعلن عنه الأستاذ تقي القمي محبذًا ومتفائلا بانضمام فضيلة المرشد العام، ثم رد عليه الأستاذ محب الدين الخطيب ناقدًا".










فجاء رد المجلة الغراء في العدد 217 للسنة السادسة بما ينص الأتي: "يرى الأستاذ محب الدين الخطيب أن التقريب بين المذاهب مستحيل، لأنها مذاهب مقررة وموضوعة على أسس ثابتة، والتقريب بينها يتطلب نقض هذه الأسس وإنشاء مذهب ثالث ، ويرى أن الممكن هو العمل على التعاون في المصالح المشتركة, ويرى الإخوان أنه يجب العمل على إزالة الفوارق أو بعضها ما أمكن، وكلما قلت الاختلافات كلما أمكن التعاون والتوفيق" .
















وإذا كانت إزالة الفوارق من جانبنا في هذه الأمور مستحيلة ؛ لأن الإسلام نفسه يتغير بها، فأشد منها استحالة أن يتحول شيعي عن شيعيته إلا بالرياء والتقية لدسيسة ينويها أو مكيدة يدبرها، لأن المذهب بُني عندهم على التشيع ، أي على التحزب والتعصب, وإذا كنا نحن نقبل في صفوفنا من يخالفنا على صدق وصلاح كالحسن بن صالح بن حي وهو شيعي زيدي، فإن جماعة تقي قمي لا يقبلونه على شيعيته لفرق فرعي بينه وبينهم, وهل الذين هذا موقفهم من الزيدية يمكن أن يزيلوا شيئًا من الفوارق التي بينهم وبين أهل السنة أو الإباضية؟!!










ثم من ذا الذي زعم أن المذاهب ملك لأفراد يعبثون فيها كما يريدون؟























وكان رد الدكتور غزلان على الأستاذ يوسف ندا على موقع إسلام أون لاين هو بمثابة الماء البارد على الصدور الملتهبة:










"أنه ينسب إلى الفكر الإخواني رفضه لطوفان الكتب التي كتبها علماء أهل السنة في الشيعة، وأنها تقول فيهم ما ليس فيهم افتراءً وكذباً ومبالغة في الاختلاق والتزييف، وأن كاتبي هذه الكتب وناشريها إما موتورون أو جاهلون أو إمعات أو سياسيون باعوا دينهم ليرضى السلطان.










والإخوان ـ كما أسلفت ـ قوم أخلاقيون، كما أنهم لا يجرحون أشخاصاً ولا هيئات ناهيك عن علماء أهل السنة الذين هم أئمتهم وعلماؤهم وأساتذتهم، فهم يبرئونهم من كل هذه الصفات الذميمة التي نسبها إليهم الأستاذ ندا ويعتقدون فيهم العلم والتقوى والورع والغيرة على الدين والأمة.










وإمعانًا فى التلبيس فإنه ينسب لنفسه ما يوهم القارئ بأنه خبير عليم بالمذهب الشيعى والإخوان المسلمين معًا، فقد حمل ملف إيران ثلاثين عامًا، وقابل آيات الله العظمى والوزراء وحضر الحسينيات والمحاضرات، وقرأ كتبًا كثيرة لهم ذكر بعضها، وأريد فقط أن أقف عند الكافى ومراجعات الموسوي.










وفى نفس الوقت قضى فى الإخوان ستين عامًا فى كل المستويات التنظيمية والفعاليات العامة والسياسات القطرية والدولية ... إلى آخر سيل المديح الذى كاله لنفسه حتى يقبل القارئ مزاعمه حقائق مسلمة.










فكتاب الكافي الذي يدعي الأستاذ يوسف ندا أنه قرأه لن أنقل منه شيئًا قط حتى لا أوغر صدور أهل السنة فما زلت وسأظل حريصاً على رأب الصدع ووأد الفتنة، ولكني أريد أن أسأله ألم يقف شعر رأسك ويقشعر جلدك وينتفض قلبك وأنت تقرأ ما فيه – إن كنت قرأته حقًا - ؟.










وأما كتاب الموسوي فاسمه ( الشيعة والتصحيح ) ومؤلفه هو العلامة الدكتور موسى الموسوي وهو حاصل على الشهادة العليا فى الفقه الإسلامي (الاجتهاد) من النجف الأشرف، وعلى شهادة الدكتوراة فى التشريع الإسلامي من جامعة طهران، وجَدُّه كان أكبر مرجع للشيعه فى زمنه، والرجل ينحو منحىً تصحيحيًا لمذهبه بعد مراجعته فهو ينكر على الشيعة فكرة الإمامة المنصوص عليها من الله، وأن الأئمة معصومون وأن منزلتهم تساوي منزلة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتفوق منزلة الأنبياء الآخرين، وأن لهم بعض صفات الله كعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وأن أعمال العباد تُعرض عليهم.










وينكر عليهم تكفير الصحابه وسبهم ولعنهم ولعن السيدة عائشة والسيدة حفصة. وينكر عليهم عقيدة الرجعة، وهى أن الله سيبعث للإمام الغائب عند ظهوره ثلاثة آلاف من حكام المسلمين الذين اغتصبوا الحكم من آل البيت وعلى رأسهم أبو بكر وعمر فيقتلهم جميعًا. وينكر عليهم القول والعمل بالتقية حيث يقول: ( إننى أعتقد جازمًا أنه لا توجد أمة فى العالم أذلت نفسها وأهانتها بقدر ما أذلت الشيعة نفسها فى قبولها لفكرة التقية والعمل بها).










وينكر عليهم ما يفعلونه يوم عاشوراء من شج الرؤوس وتمزيق الجلود وإسالة الدماء فى منظر وحشي همجي مقزز كفيل بتنفير من يراه من الإسلام والمسلمين.










وينكر عليهم استيلاء الأئمة والمراجع على خُمس ما يكسبه الشيعة جميعًا بدون وجه حق، إضافة إلى الزكاة. وينكر عليهم زواج المتعة. وينكر عليهم طلب الحاجات من الأئمة وليس من الله. وينكر عليهم السجود على التربة الحسينية. وينكر عليهم الزعم بتحريف القرآن. وينكر عليهم القول بالبداء ومعناه أن الله – سبحانه – يتغير علمه – حاشاه – فيتغير تبعًا لذلك قضاؤه.. إلى آخر ما ذكره هذا العالم الشيعي المتبحر. فهل هذه كلها افتراءات من هذا العالم على أهل شيعته؟ وهل ما كتبه أهل السنة عنهم يخرج عن هذا كله؟.










وهكذا يتضح أن الأستاذ ندا إما لا يعلم – رغم زعمه العلم – وإما أنه يحيد عما يعلم لغرض ما، وعلى كل الأحوال فإنه لا يمثل لا الإخوان ولا أهل السنة فى مزاعمه"....
















ولعل ذهب بعض دعاة أهل السنة المعاصرين إلى تفعيل دور التقريب الأصلي لهذه الأمة وهو التقريب السني السني, فهذا محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية بدعوة الدكتور جمال المراكبي بنقض ما هم فيه مختلفون, ومعالجة الأمور معالجة دقيقة, وهذا الداعية محمود المصري يقوم بتفعيل الإحترام الفعلي للدعاة و العلماء بعد لقاء الداعية عمرو خالد مع دكتور عاطف عبد الرشيد على قناة الناس, وهذا الشيخ الجليل محمد حسان يقوم بمدح الشهيد سيد قطب في كتابه, ويتضامن مع فضائية حماس, بل ويدعوا لهم أثناء حرب غزة, ولعل أن أقرب دعوات الإخوان في التقارب السني السني هي تلك المحاضرة الرائعة للدكتور أبو مروان في محاضرة "التفاعل مع الأحداث" في إشارة إلى ضرورة التقارب الفكري بين القطبين الإسلاميين في مصر أثناء حرب الفرقان...










إن مشكلة التقارب السني الشيعي باتت على الهاوية, واتضحت الرؤى حول المشروع الصفوي التوسعي الذي يخدم مصالح الشيعة, وإن القنوات الفضائية على رغم ما قصرت في توضيح هذا الفكر المشوش العقيم, إلا أن ظهور قناة مثل قناة صفا قد أثقل الميزان لكفة الأمة الإسلامية, ولعل طريقة الشيخ عدنان العرعور الجميلة في الدعوة هي بمثابة تأييدي الكامل و المطلق لنبذ هذا التقارب في هذه الأونة, إلا إذا رجع مراجع الشيعة عما يؤيدونه من معتقدات شركية باطلة, وأعمال ظاهرها الكفر البواح...












بعد هذا المقال...هل هناك آراء مخالفة لكاتب هذا المقال؟!!! أم هل تشبثنا بحبل النجاة و أن ندعوا إلى التوفيق بين حملة المذاهب الإسلامية الرشيدة؟!!!