الجمعة، 27 أغسطس 2010

غزة....أكاذيب تكشفها حقائق ج3



مصر تفتح معبر رفح، وتمر عبره أطنان المعونات ويتم إدخال العالقين، ويسمح بدخول بعض الوقود، وسيارات الإسعاف.




** الحقيقة **

الحقيقة أن معبر رفح مغلق أساسا ويفتح استثنائيا لبضع أيام كل شهر، لأشياء دون أشياء أخرى. وهذه الأكذوبة تنطوى على جزء من الحقيقة، وتجزئة الحقيقة كذب. فالمقصود بمطالبة الجماهير والمعارضة المصرية هو فتح معبر رفح بصورة اعتيادية، بنفس قواعد فتح المعابر مع ليبيا والسودان وإسرائيل!!


الحقيقة أن معبر رفح مغلق أمام أى نوع من السلع التجارية، وحتى المعونات الإنسانية عدا بعض الأدوية والمعدات الطبية، أما عبور الوفود فهو بحسب المزاج السياسى للسلطات المصرية وليس وفقا لقواعد قانونية. وقد يسمح بمرور بعض الفلسطينيين ثم يتم اعتقالهم فى مصر!!


وهذا القرار ليس بناء على السلطة السيادية للحكومة المصرية بل بناء على اتفاقات صريحة مع إسرائيل والولايات المتحدة. فقد تم الاتفاق على مرور بعض الأدوية والمعدات الطبية (وليس كلها) سواء أكان مصدرها مصر أو بلد آخر.. أما البضائع فهى ممنوعة بتاتا، والمقصود كافة السلع الغذائية والمدنية والتى ليس لها أى استخدامات عسكرية، كالبطاطين ومواد البناء وسيارات الركوب والكتب والمواد الدراسية والملابس والأجهزة الكهربائية والوقود،.. الخ. وغزة لا تطلب الحصول على هذه السلع والبضائع فى صورة معونات، بل بشكل تجاري، لمواجهة الشح الإسرائيلى وطوال الأعوام الماضية لم تختنق غزة تماما بسبب حركة الأنفاق القائمة أساسا على إدخال هذه المواد الإنسانية البريئة. وتتراوح قيمتها سنويا بين 500 مليون إلى مليار دولار. وهو ما يمثل أكثر من 60 % من احتياجات غزة، وبإقامة الجدار الفولاذى فإن اعتماد غزة فى مقومات الحياة على إسرائيل سيصل إلى 100% وهذا ما يجعل غزة تحت رحمة العدو رغم أنه انسحب منها!


وحتى المعونات من غير الأدوية فإنها تدخل عن طريق إسرائيل أى بموافقتها من خلال معبري: كرم أبو سالم والعوجة. وهذا سبب فساد كثير من البضائع الغذائية على أرض مصر لأن إسرائيل لا توافق على إدخال هذه المواد إلا بحسابات دقيقة. ولا يوجد ما يجبر النظام المصرى على ذلك وفقا للقانون الدولى الذى يؤكد على ضرورة عدم حصار المدنيين.


ولكن النظام المصرى يلتزم بتعهدات غير شرعية مع إسرائيل وأمريكا فى هذا الصدد، حتى يظل القطاع ومقاومته تحت السيف المسلط الصهيوني.


وهكذا فإن ما تمرره السلطات المصرية عبر معبر رفح هو جزء يسير جدا من ما يسمح به القانون الدولى، وفى المجال الطبى وحده، وحتى هذا لا يتم بصورة آلية ولكن عبر قرارات سياسية فى كل حالة على حدة! فسلطتنا المصرية تستخدم نفس أسلوب القطارة الإسرائيلي: أى نقطة نقطة!


وتتحجج السلطة المصرية بالحديث عن اتفاقية معبر رفح الذى حدد هذه الآلية: أى أن يكون معبر رفح للأفراد، ومعبر كرم أبو سالم (الإسرائيلى) للبضائع وهذه الاتفاقية كانت فى نوفمبر 2005 لمدة سنة لم تتجدد وتعتبر ساقطة ولا وجود لها الآن. ولم تكن مصر طرفا فيها أصلا!! بل كانت بين سلطة عباس وإسرائيل والإتحاد الأوروبي. ومع ذلك كما ذكرنا فى (الأكذوبة الثانية) فإن معبر رفح كان مغلقا آخر خمسة شهور حتى فى ظل سلطة عباس!

إذن نحن لسنا أمام اتفاقية معبر رفح التى لا وجود قانونى أو فعلى لها، وإنما أمام تعهدات مصرية لإسرائيل وأمريكا.

وتقول السلطة المصرية وإعلامها إنها تريد أن تضع إسرائيل أمام مسئوليتها كدولة احتلال!! وهذا كلام لم نسمع به فى الأولين والآخرين. فمنذ متى تلتزم إسرائيل بالقانون الدولي؟! وإذا لم تلتزم إسرائيل بمسئوليتها هل نترك أهلنا يموتون من الجوع والعطش وقلة الكهرباء. وهم على بعد مرمى حجر منا؟!


ومرة أخرى وأخرى وأخرى.. إسرائيل انسحبت من القطاع عام 2005 وبالتالى لسنا إزاء حالة احتلال تقليدية، ولا يوجد إسرائيلى واحد بيننا وبين غزة، ومصر تقوم بدور الوكالة عن المحتل بدلا من انتشال غزة من الحصار على الأقل بالنسبة للسلع المدنية!! وأتحدى جهابذة النظام المصرى أن يضربوا مثلا واحدا من التاريخ على احتلال بدون قوات عسكرية داخل الأرض المحتلة!!


وإذا كانت إسرائيل قد ابتدعت الحصار كبديل للاحتلال المباشر، فمن العار أن تشارك مصر فى إحكام الحصار من الجنوب!


خلال احتجاجنا أمام وزارة الخارجية المصرية على منع شحنة أدوية (لاحظ أنها أدوية وهذا قيل أن حكومتنا تسمح به بدون عقبات!) قادمة من اسكوتلندا، حدث هذا الحوار مع السفيرة وفاء مساعدة وزير الخارجية المصرى:


- قلت: ما الذى يضير مصر أن تدخل هذه الشاحنة الصغيرة التى تحمل أدوية عبر معبر رفح؟


- السفيرة وفاء: الشحنة أتت بدون تنسيق مع الهلال الأحمر المصرى وهو الأسلوب الوحيد لإدخالها.


- قلت: الشحنة صغيرة ويمكن التفاهم الآن مع الهلال الأحمر المصرى.


- السفيرة وفاء: أرسلنا طلبا للسفارة البريطانية كى تطلب من وزارة الخارجية البريطانية كى تطلب من إسرائيل الموافقة على إدخال الشحنة!!


- قلت: لماذا نحتاج موافقة إسرائيل؟


- السفيرة وفاء: نريد أن نضع إسرائيل أمام مسئوليتها كدولة احتلال.


- قلت: ومتى كانت إسرائيل دولة مسئولة؟ وإذا كانت إسرائيل ظالمة فهل نشاركها فى هذا الظلم.


- السفيرة وفاء: هناك اتفاق المعابر 2005 الذى يحدد أن معبر رفح للأفراد فحسب.


- قلت: الاتفاق لاغ ولم يجدد، ومصر لم توقع عليه ولم تكن طرفا فيه.


- السفيرة وفاء: نعم هذا صحيح، ولكن المعبر غير معد لاستقبال شاحنات فهو معبر للأفراد.


- قلت: ولكن هذا أمر فنى، ويمكن للبلدوزر أن يسوى الأرض بشكل معين خلال 24 ساعة.


- قالت: هل تعلم أن سلطة رام الله هى التى تدفع ثمن الكهرباء والوقود المتجه لغزة وأن الدفع يتم لإسرائيل!

- قلت: هذه ليست المشكلة فحماس قادرة على دفع الفاتورة، كما أن الرئيس الجزائرى بوتفليقة أعلن مؤخرا أنه مستعد على مد غزة بكل احتياجاتها من الوقود مجانا، ويحتاج إلى ممر من مصر!!


هذا الحوار دار قبل اندلاع حرب 2008/2009 وهكذا كانت الأدوية والمعدات الطبية نفسها تحتاج لموافقة إسرائيل. وأن التساهل بعد ذلك تم بسبب الفظائع التى جرت فى الحرب، وأيضا بموافقة إسرائيل وأمريكا.

إذن مصر باعت سيادتها لأمريكا وإسرائيل فى موضوع معبر رفح وضيعت على السوق المصرى تجارة من غير الممكن تعويضها فى سوق آخر حجمها بين نصف مليار إلى مليار دولار سنويا، لصالح الاقتصاد الإسرائيلى، وكأننا نمول إسرائيل بهذا المبلغ. ومصر تغل يدها عن تصدير الغاز والوقود لغزة، وتصدره لإسرائيل بواقع 25 مليار متر مكعب لمدة 20 عاما بسعر يتراوح بين دولار و3 دولارات، بينما السعر العالمى من 10: 12 دولار. وتحقق إسرائيل مكسبا من ذلك بـ 5 مليارات دولار.


إننا بالمعايير الوطنية المصرية - بإغلاق معبر رفح تجاريا - نخسر لحساب إسرائيل ونفقد سيادتنا على معبرنا، ونعادى أخوتنا العرب المسلمين فى غزة، ونضع رقبتهم تحت المقصلة الصهيونية.






وإلى اللقاء مع الأكذوبة الرابع



عندما تقرأ فى الصحف أن معونات دخلت عن طريق كرم أبو سالم أو العوجة فهذا يعنى أنها مرت على إسرائيل ومع ذلك فحتى العبور من معبر رفح يحتاج لموافقة إسرائيلية كما كشفنا فى الحوار السابق مع السفيرة وفاء.






مجدى أحمد حسين

غزة...أكاذيب تكشفها حقائق ج2







الانقسام الفلسطينى بين حماس وفتح، وبين الضفة وغزة هو سبب الحصار، وإذا تمت المصالحة ستنتهى مشكلة الحصار، وحماس تعرقل المصالحة فهى مسئولة عن الحصار، والفلسطينيون بانقسامهم ضيعوا القضية الفلسطينية وهم سبب المصائب التى يتعرضون لها، مع ملاحظة أن السياسة الرسمية المصرية المعلنة وخط الإعلام يحمل حماس وحدها سبب الانقسام، خاصة بعض رفضها الورقة المصرية.






** الحقائق **



الحصار لا علاقة له بالانقسام، فالحصار على غزة قائم منذ أعوام طويلة، وحتى قبل فوز حماس بالانتخابات، وحتى قبل الحسم الأمنى فى غزة الذى أكد سيطرة حماس عليها وكانت إسرائيل تغلق المعابر أغلب أوقات السنة، وكان معبر رفح تحت سيطرة إسرائيل قبل انسحابها من غزة وكانت تغلقه معظم أوقات السنة، واستمر الأمر كذلك بعد توقيع السلطة الفلسطينية اتفاقا مع إسرائيل والاتحاد الأوروبى حول معبر رفح، وكان يغلق معظم أوقات السنة.

والحصار يشتد أو يتراخى حسب شدة المقاومة، وقد عانت الضفة الغربية من حصارات متعددة قسمتها لعشرات البقع المخنوقة عندما كانت المقاومة فعالة فى الضفة، والكل يعرف قصة حصار رام الله بل وحصار مقر ياسر عرفات رئيس السلطة. والحصار لا يزال قائما على الضفة ولكن بشدة أقل من غزة، وغزة تعانى من الحصار الشامل لأنها نجحت فى إقامة قاعدة متكاملة للمقاومة بعيدا عن أيدى الجيش الإسرائيلى، وهذا ما لم يحدث فى الضفة لقربها من الكيان الصهيونى، والإحدى عشر ألف معتقلا فى سجون إسرائيل هم الأجنحة العسكرية للمقاومة فى الضفة، وهذا هو سبب ضعف المقاومة فى الضفة.. ومع ذلك فهناك غارات إسرائيلية يومية على الضفة ينتج عنها اعتقالات يومية للفلسطينيين، وسلطة عباس لا تحرك ساكنا!! لأسباب عديدة تمكنت المقاومة الفلسطينية من تطوير أدائها فى غزة، وتحولت إلى نواة جيش شعبى (خاصة كتائب عز الدين القسام) وأصبح لديها فرع صناعى لصناعة الأسلحة الخفيفة والصواريخ وبعد انسحاب إسرائيل عام 2005 من غزة أصبحت لدى المقاومة حرية الحركة على مدى 45 كيلو متر بعرض 12 كيلو متر هو إجمالى مساحة غزة، وأصبح من الممكن إقامة معسكرات للتدريب، وأماكن لتصنيع وتخزين السلاح، ولم يعد بإمكان إسرائيل أن تتوغل فى غزة كما تفعل فى الضفة لاعتقال المقاومين. وبالتالى أصبحت غزة خطرا استراتيجيا على الكيان الصهيونى خاصة بعد تطوير صناعة الصواريخ وتهريبها والتى استخدمت بكفاءة فى حرب غزة 2008/2009 وضربت إسرائيل حتى عمق 50 كيلو متر، ولو تركت إسرائيل غزة على حالها لأصبحت قوة موازية ومكافئة لقوة حزب الله فى الشمال ولأصبحت إسرائيل بين فكى مقاومة وقواعد صاروخية. وقد حاولت تقليم أظافر حزب الله بلبنان عام 2006 وفشلت فشلا ذريعا، ثم عادت لغزو غزة باعتبارها الطرف الأضعف عسكريا ولكنها فشلت أيضا فشلا ذريعا فى القضاء على كتائب عز الدين القسام وغيرها من منظمات المقاومة، ولم تتمكن من القضاء على قوتها الصاروخية. لذلك كان الحل الصهيونى فى إحكام الحصار على غزة، وعرقلة الإمدادات الغذائية والإنسانية وإمدادات الطاقة والسلع الحيوية كمواد البناء، ومن هنا جاء الدور الإسرائيلى - الأمريكى للضغط على النظام المصرى لإحكام الحصار من رفح بالجدار الفولاذى، لعرقلة انسياب البضائع والأسلحة، واستجاب النظام المصرى بمنتهى الجدية!


إذن شدة الحصار على غزة يتعلق بشدة المقاومة فيها، وليس بسبب الانقسام، وبدأ كما قلنا قبل الانقسام، فإسرائيل لا يعنيها سوى المقاومة، فالمقاومة هى الشىء الوحيد الذى يدفعها للتراجع عن أهدافها التوسعية الاستيطانية (إخلاء كل مستوطنات غزة!) وإذا تبين أن أى فصيل آخر يواصل المقاومة فإنه يلقى أشد إجراءات الردع الصهيونى، كما حدث مع ياسر عرفات الذى اتهم عن حق أنه وراء نشاط كتائب الأقصى فتمت تصفيته، وكذلك تم اعتقال سعدات أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومروان البرغوثى أيضا لاتهامه بصلته بشهداء الأقصى.


وكذلك إذا تصاعدت المقاومة فى الضفة وتراجعت فى غزة سيتحول الموقف الإسرائيلى إلى تشديد الحصار على الضفة وتخفيفه عن غزة، بغض النظر عن حكايات الانقسام.


أما الانفصال الواقعى والجغرافى بين غزة والضفة فهذا يرجع إلى عام 1948، حيث لا يوجد أى ممر برى بينهما، وهو الأمر الذى ساهم فى تمايز التطور بين الموقعين فى مجالات عدة. وحماس ليست مسئولة عن هذا الانقسام الجغرافي.


وكما أن إسرائيل لا تهتم إلا بوأد المقاومة، فإن موقفنا العربى الإسلامى بدوره لا يهتم إلا بدعم المقاومة، واستمرار المقاومة أهم من الوحدة والمصالحة، إذا كانت المصالحة تعنى الاعتراف بإسرائيل ونزع سلاح المقاومة، فاستمرار المقاومة مع الانقسام أفضل من الوحدة على الاستسلام!


وهذا هو أساس مشكلة المصالحة، فليس صحيحا أن قادة حماس يتصارعون على حطام الدنيا (كراسى السلطة) بينما يصدق ذلك على قادة فتح الذين يتمتعون بامتيازات ومكاسب مالية معروفة للجميع. إن اهتمام حماس بانتخابات السلطة جاء دفاعا عن المقاومة عندما تحولت السلطة إلى خنجر فى جنب المقاومة، ولا زالت كذلك فى الضفة الغربية . والحسم العسكرى حدث فى غزة بسبب قيام أجهزة دحلان العميلة باستنزاف قوة المقاومة بعمليات اغتيال متوالية، وذلك بالتفاهم مع أجهزة إسرائيل والولايات المتحدة. وكان الحسم العسكرى أساسا لحماية ظهر المقاومة.

والطريف أن قادة فتح والنظام المصرى يستعملون مصطلح "انقلاب حماس على الشرعية وهو أمر مثير للسخرية، فقد حصلت حماس على قرابة 64% من مقاعد المجلس التشريعى ومن حقها أن تشكل الحكومة وحدها. وقد قدمت تنازلا كبيرا بإقامة حكومة وحدة وطنية مع فتح مع إعطاء فتح أهم الوزارات، وذلك بهدف تحقيق الاستقرار. ولكن فتح رفضت كل ذلك وأرادت إزاحة حماس عبر إضعافها فى غزة بعمليات إرهابية تقوم بها أجهزة دحلان، وفى نفس الوقت كانت إسرائيل تعتقل نواب حماس فى الضفة لإنهاء وضع الأغلبية فى البرلمان!!


أما الآن فإن الشىء الرئيسى الذى يعرقل المصالحة، أن فتح مصرة على رفض المقاومة وتعلن أن التفاوض مع إسرائيل هو الطريق الوحيد، حتى رغم مواقف حكومة نتنياهو المتشددة، كذلك فإن فتح دخلت فى شراكة أمنية وسياسية مع إسرائيل والولايات المتحدة وحماس متمسكة بالكفاح المسلح، وبعدم الاعتراف بإسرائيل ومن الطبيعى أن يكون النظام المصرى منحازا لسلطة عباس لأن مواقفها تتسق مع المواقف الرسمية المصرية ومن هنا نفهم ابتزاز النظام المصرى لحماس بضرورة الإذعان والتوقيع على الورقة المصرية بدون مناقشة وهذه ليست وساطة بل إملاء شروط ووفقا لقوانين وأدبيات حركات التحرر الوطنى، فإن غزة تعتبر أرضا محررة، والضفة ما تزال تحت الاحتلال، والمفترض أن ترتفع الضفة الغربية لمستوى غزة، لا أن تهبط غزة إلى مستوى الضفة. نعم غزة تحت الحصار الإسرائيلى والمصري، ولكن لا يوجد بها جندى إسرائيلى واحد وقد أعلن شارون عن انسحابه الكامل من غزة عام 2005 وأخلى المستوطنات اليهودية ووكل النظام المصرى وسلطة عباس فى السيطرة على حدود غزة مع مصر بينما يحاصر هو غزة من الشمال والشرق والغرب (البحر).. وهذا وضع لا مثيل له فى تاريخ حركات التحرر الوطني. فكشمير تعتمد على العمق الباكستاني، وفيتنام كانت تعتمد على العمق الصينى الخ.. ومع ذلك تبقى غزة أرض محررة من قبضة الاحتلال المباشر، وأى تحرير لفلسطين لابد أن يرتكز على هذا الجزء المحرر، لا بإعادة إلحاقه بالعدو الصهيوني، مثل الضفة الغربية. ومحاربة غزة وحصارها يعنى وأد مشروع تحرير فلسطين الذى يتحول من حلم إلى حقيقة، فى ظل المقاومة الفلسطينية اللبنانية المسلحة بالصواريخ وهو الأمر الذى أثبت أن يوجع إسرائيل وأدى حتى الآن إلى هجرة مليون إسرائيلى يعيشون خارج إسرائيل وفقا لإحصاء إسرائيلى.


وبالإضافة لكل ما سبق. هب أن حماس مخطئة، وأننا ضد الانقسام الفلسطينى لأى سبب من الأسباب، فما علاقة ذلك بمحاصرة مليون ونصف المليون عربى مسلم ووضعهم تحت خطر دائم بالتجويع وقطع الكهرباء وإمدادات الوقود، لماذا نحول هؤلاء القوم إلى رهائن فى يد إسرائيل رغم أنهم واقعون مباشرة على حدودنا ولا يفصل بيننا وبينهم أى جندى إسرائيلى. إن إغاثة الملهوف وفك الحصار عن المدنيين الأبرياء (حتى إذا رأى حكامنا أن المقاومة جريمة أو إرهاب!!) واجب يعلو أى أمر آخر سواء أكان حكامنا يحبون حماس أو يكرهونها ولكن حكامنا يتعاونون مع إسرائيل فى تركيع شعب غزة حتى يضغط على حماس لتوقف المقاومة وتعترف بإسرائيل، وهكذا يتم رفع الحصار عن الغذاء، ويتحول الفلسطينيون إلى عبيد لدى إسرائيل، وتنتهى قضية فلسطين.


مرة أخرى إن أساس الانقسام بين غزة والضفة أو بين حماس وفتح هو الانقسام حول خط المقاومة أم خط الاستسلام، وليس شجارا على المواقع والمناصب وكراسى السلطة وبالأخص من جانب حماس حيث أن قادتها هم المستهدفون دائما بالاغتيال، وبالتالى ليست فى السلطة أى مغانم دنيوية لهم كما يردد البعض على خلاف قادة فتح الذين يمارسون البيزنس مع إسرائيل، وأبناؤهم يتعلمون فى أوروبا وأمريكا ويعيشون حياة مترفة وآمنة من العدو الصهيونى فى الضفة وخارجها. يقول السفير المصرى حسن عيسى (جبريل الرجوب سافر إلى أمريكا وعاد بخطط ومعدات لضرب حماس. بريطانيا أعطت محمد دحلان 80 مليون إسترلينى لقلب حماس فى غزة.. قيل أن فتح كانت تجهز لدخول غزة. وقد أدى هذا لاستيلاء حماس على القطاع) واعترف حسن عيسى بأن (الأسمنت الذى بنى به الجدار العازل من مصر أساسا رغم أن من باعه لإسرائيل كان قياديا فتحاويا)!!


هل بعد هذه الشهادة الرسمية تجرى المساواة بين حماس وفتح؟! ألا تؤكد هذه المعلومات وغيرها كثير ومنشور، أن حماس كانت مضطرة للحسم الأمنى فى غزة دفاعا عن المقاومة، طالما أن أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ضالعة إلى هذا الحد فى تحريك الأجهزة الأمنية الفتحوية!


أما الورقة المصرية فإن ما يخفيه الإعلام الرسمى أن أهم تحفظات حماس عليها خاص ببند يحظر إقامة أى تشكيلات عسكرية خارج إطار الأجهزة التى تقررها الدولة وهو ما يعد إلغاء صريحا للمقاومة؟! وعندما تقول السلطة فى مصر أن على حماس أن توقع على الورقة بدون مناقشة، فهذا يعنى أن توقع حماس على إلغاء المقاومة!!

إذن موضوع حصار غزة لا علاقة له بالمصالحة إلا من زاوية استخدام المحور المصرى - الإسرائيلى - الأمريكى - الفتحاوى الحصار لتركيع حماس كمنظمة مقاومة، وإجبارها على إلقاء السلاح والاعتراف بإسرائيل حتى بدون الحصول على دولة فلسطينية على الأراضى المحتلة عام 1967.


وإلى اللقاء مع الأكذوبة الثالثة




مجدى أحمد حسين

الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

بيان "ليسوا إخواناً..وليسوا مسلمين"..بين الحقيقة و الخيال




السلام عليكم إخوانى الكرام,فى هذا الصخب الداوى من صدى الحوادث الكثيرة المريرة التى تلدها الليالى الحبالى فى هذا الزمان....

وفى هذا التيار المتدفق الفياض من الدعوات التى تهتف بها أرجاء الكون, وتسرى بها أمواج الأثير فى أنحاء المعمورة.....مجهزةً بكل ما يُغرى ويخدع من الآمال و الوعود و المظاهر....
نتقدم بدعوتنا جماعة " الإخوان المسلمين" هادئةً, لكنها أقوى من العواصف.
متواضعةً, لكنها أعزُّ من الشمُّ الرواسى.
محدودةً, ولكنها أوسع من حدود هذه الأقطار الارضية جميعاً.
خاليةً من المظاهر الزائفة والبهرج الكاذب, ولكنها محفوفةً بجلال الحق, وروعة الوحى, ورعاية الله.
مجردةً من المطامع و الأهواء و الغايات الشخصية و المنافع الفردية, ولكنها تورث المؤمنين بها و الصادقين فى العمل لها...السيادة فى الدنيا و الجنة فى الأخرة.



كثيراً ما أن لغطت الأسماع بالتهم الملفقة للنظام الخاص, وبل أصبح اسم التنظيم الخاص للإخوان أشبه بمجموعات المافيا الإيطالية, ولعل ما تختلط الاذهان المشوشة باسم التنظيم الخاص حادث مقتل النقراشى باشا, وحادث المينى جيب أو تفجير المحكمة, لذلك سأتناول قضية بيان "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين", وأتمنى مناقشة جميع الردود و إن أمكن فى هذه القضية, فكثيراً من المنتديات و المواقع ما تنشر على أن هذا ضرب من تحت الحزام كما يدّعون,ولقد وضعت هذا الموضوع فى موسوعة الإخوان المسلمين فى ركن بيانات الجماعة, ولنبدأ على بركة الله.


إن الأعمال التي قام بها النظام الخاص كانت شرعية ومنها قتل العميل النقراشي وإن هذا البيان كان محاولة لإنقاذ الاخوان المعتقلين فقط كما أكد كتاب حقيقة النظام الخاص ودوره في دعوة الاخوان الذي أيده وأقره الاستاذ الفاضل المرحوم مصطفى مشهور حين كتب مقدمته وقد جاء فيه يقول محمود الصباغ وهو من قيادات النظام الخاص للإخوان في كتابه «حقيقة التنظيم الخاص ودوره في دعوة الإخوان المسلمين»:

إن حكم المحكمة في قضية السيارة الجيب دليل علي براءة الإخوان من تهمة الخروج علي الحكم فيقول عن هذه القضية «ولقد عزمت علي أن لا أقدم للقراء عن هذا الجيش وأهدافه ووسائله إلا ما أعلنه هؤلاء القضاة، ليطمئنوا جميعا أن مايقرأون في هذا الصدد إنما هو الحقيقة الخالية من كل زيف المبرأة من كل غرض، فالفضل ماشهدت به الأعداء».

ويقول أيضا:«يتضح مما سجلته المحكمة أعلاه أن المحكمة قد حكمت:

أولا: بأن الجماعة كانت حريصة علي أن تسجل في قانونها التزام الأوضاع الدستورية بتحقيق أغراضها.

ثانيا: أن الجماعة عملت فعلا علي تنفيذ الأغراض التي وضحت في قانونها وطبقا للوسائل المشار إليها، فأنشأوا صحيفة يومية لنشر دعوتهم وأقاموا مؤسسات اقتصادية ومستوصفات، كما كونوا فرقا للجوالة، وكان رئيسهم يتابع نشر الدعوة وتفهيم الناس بحقيقتها وذلك بإلقاء أحاديث دورية أسبوعية ومحاضرات وخطب في المناسبات.

فلم يعد بعد ذلك هذا الحكم النهائي الصادر من محكمة مشكلة بقرار صادر من حكومة هي أعدي أعداء الإخوان المسلمين، وقد وافق عليه ممثل الاتهام في هذه الحكومة بدليل أنه لم يتقدم إلي محكمة النقض لنقضه اعترافا منه بعدالة هذا الحكم ومطابقته للأمر الواقع.

ولم يعد بعد ذلك لمؤرخ أو كاتب أن يتهجم علي دعوة الإخوان المسلمين وأغراضها ووسائلها، لأنه إن فعل شيئا من ذلك كان كاذبا علي التاريخ إن كان مؤرخا وكاذبا علي الأمة إن كان كاتبا دون جدال.»





محمود الصباغ أحد قيادي النظام الخاص ماذا يقول عن النقراشي ومقتله.


«لايمكن أن نعتبر قتل النقراشي باشا من حوادث الاغتيالات السياسية فهو عمل فدائي صرف قام به بعض أبطال الإخوان المسلمين، لما ظهرت خيانة النقراشي باشا صارخة في فلسطين، بأن أسهم في تسليمها لليهود، ثم أعلن الحرب علي الطائفة المسلمة الوحيدة التي تنزل ضربات موجعة لليهود».

«فحل جماعتهم واعتقل قادتهم وصادر ممتلكاتهم، وحرم أن تقوم دعوة في مصر تدعو إلي هذه المباديء الفاضلة إلي الأبد، فكانت خيانة صارخة لاتستتر وراء أي عذر أو مبرر، مما يوجب قتل هذا الخائن شرعا، ويكون قتله فرض عين علي كل مسلم ومسلمة، وهذا ما حدث له من بعض شباب النظام الخاص للإخوان المسلمين دون أي توجيه من قيادتهم العليا، فقد كان المجرم الأثيم قد أودعهم جميعا السجون والمعتقلات وحال بين الإخوان ومرشدهم»(148).

ويفصل الصباغ في تفاصيل خيانة النقراشي في فلسطين ثم يختمها بالتلخيص التالي:

« أولا: أسلموا القيادة العامة للجيوش العربية المسلحة إلي انكليزي صهيوني هو جلوب باشا وتلك هي ذروة الخيانة.

ثانيا: سمحوا بتوغل الجيش المصري في فلسطين دون أن يضع خطة عملية لفض الجيوب «اليهودية» الخطيرة، التي توزعت في صحراء «النقب»، حتي يحاصر هذا الجيش من الجنوب بقوات مستعمرات النقب، ومن الشمال بالقوات اليهودية في المستعمرات الصهيونية، فتتحقق بذلك هزيمته، وإعلان إسرائيل.

ثالثا: قبلوا الهدنة الأولي والثانية لإعطاء اليهود فرصة نادرة لاستجلاب أحدث أنواع الطائرات والدبابات وغيرها، وحبسوا واعتقلوا أبناء مصر البررة، المتطوعين في سبيل الله، فمنعوهم من مواصلة العمل، لما رأوا أن في مصر رجال هم أهل فعلا لإنزال الهزيمة بالأعداء، وتخييب آمال حكام مصر في الولاء والفناء ذلا وانكسارا لهؤلاء الأعداء.

رابعا: غيروا دون سبب معقول هدف الجيش المصري في احتلال تل أبيب وهو يتقدم إلي الشمال دون مقاومة مخافة أن ينهار العدو باحتلال عاصمته، وقبل تل أبيب بعشرين ميلا عددوا له الأهداف ليضطرب صفه وينكمش جمعه، ويقترب من الهزيمة، وييأس من المقاومة والاستبسال.

خامسا: سلحوا الجيش بأسلحة ترتد إلي جنوده لتقتلهم، ولاتندفع إلي الأمام لتنصرهم، اللهم إلا القليل من الأسلحة الخفيفة، التي لم يستطيعوا سحبها، وإحلالها بما فسد، لثقتهم أنها لن تحسم المعركة، وأن خدمة العدو في تقديم شعب مصر ممثلا في جيشها فداء للأعداء هي خدمة أكيدة ومحققة.

فما يكون جزاء مثل هؤلاء الخونة الغدارين في الإسلام؟ »






أما كيف تم الاغتيال فيحكي الصباغ القصة مختصرة: «كان الشهيد السيد فايز هو مسئول النظام الخاص عن مدينة القاهرة بعد اعتقال كل من يعلوه في القيادة سواء رجال الدعوة العامة أو من رجال النظام الخاص، فقد اعتقل جميع أعضاء الهيئة التأسيسية وحيل بين المرشد العام وبين جميع الإخوان، فأصبح سيد فايز هو المسئول الأول عن حماية الدعوة في هذه الظروف الشاذة وله حق الاجتهاد.

وقد نظر السيد فايز في قرار حل الإخوان المسلمين وفي الظروف التي تحيط بهذا القرار سواء في الميدان أو داخل مصر، فشعر أنه محكوم بحكومة محاربة للإسلام والمسلمين وقرر الدخول معها في حرب وعصابات فوق أرض مصر.

ولم يكن للسيد فايز من بد في أن يتحمل هذه المسئولية، فكل إخوان الدعوة العامة معتقلون والمرشد العام محجوب عن اللقاء بالإخوان بوضعه تحت العدسة المكبرة لرجال الأمن طوال ساعات النهار والليل، فليس هناك مجال للاتصال به أو أخذ التعليمات منه، وبدأ السيد فايز معاركه برأس الخيانة - محمود فهمي النقراشي، كون سرية من محمد مالك، وشفيق أنس، وعاطف عطيه حلمي، والضابط أحمد فؤاد، وعبدالمجيد أحمد حسن، ومحمود كامل، لقتل النقراشي باشا غيلة. ولتتحطم رأس الاستبداد، وقد أسند قيادة هذه السرية إلي الشهيد أحمد فؤاد..وقد رسموا الخطة علي النحو الذي ظهر في تحقيقات هذه القضية».(149)

ينقل الصباغ عن محسن محمد في جريدة المسلمون مانقله عن وثائق الخارجية البريطانية هذا الحوار بين إبراهيم عبدالهادي رئيس الوزراء و تشابمان أندروز الوزير البريطاني المفوض:
«الانطباع الذي أخذته من بيان حسن البنا أنه بدأ يتراجع أمام تصرف الحكومة. ثم يطمئن أندروز قائلا له: إني واثق من الحصول علي أفضل مالدي الإخوان، ولكني مستعد للقضاء عليهم» (152).

وتلخص د. لطيفة سالم هذه المأساة فتقول: «ومضي التخطيط، إبراهيم عبدالهادي - ومن ورائه فاروق - يقود حملته الوحشية علي الإخوان، وحسن البنا يوالي نشاطه وهو يعلم أن الانتقام آت لاريب فيه، لكنه يحاول التمويه، فتنشر صحيفة لابورص حديثا له يستنكر فيه القتل واستعمال القوة ويبين أنهما لايتفقان مع الدين الإسلامي ويأسف لما جري للنقراشي. ولكنه حسم الأمر سريعا، وانتصر جانب القوة، وفي 12 فبراير 1949 - اليوم التالي لعيد الميلاد الملكي - اغتيل المرشد العام رغم الحيطة التي أحاط بها نفسه، ويذكر السفير البريطاني أنه كان قد تسلم قبيل اغتياله خطابات تهديد بأنه سيقتل إن لم يقم بإرشاد الحكومة عن مخازن الأسلحة الخاصة بالجماعة. وفي حديث جري بين الملك وكامبل عن الحادث، أوضح الأول أن مقتل حسن البنا كان انتقاما لمقتل النقراشي» (153).

يقول أحمد حسين-حزب مصر الفتاة: «وبينما كان رجال القسم السياسي يعملون في صبر لعلاج المتهم كان من هم أكبر منهم، كان رئيس الوزراء إبراهيم باشا عبدالهادي يعمل من ناحيته للتأثير علي عبدالمجيد وتحطيم أعصابه. وقد روي أن أعظم مايحطم أعصابه هو الإيقاع بينه وبين «حسن البنا» بحمل حسن البنا علي التبرؤ منه واستنكار فعلته»

ويقول أيضا مخاطبا القضاة: «أريد أن تستدعوا إبراهيم باشا عبدالهادي ومعالي مصطفي بك مرعي، لتسألوهما عن الظروف التي صدر فيها هذا البيان ولماذا صدر؟ فقد كان هناك أمر عسكري بحل (الإخوان المسلمون) ومنع أي نشاط خاص بهم، كانت الدعوة لهم محظورة وكل من نطق بكلمة يشتم منها رائحة النشاط للإخوان يرتكب جريمة وكان ذلك كله قبل مقتل النقراشي باشا، فلماذا وتحت أي دافع وأي مؤثر سمح للمرحوم الشيخ «حسن البنا» بأن يذيع بيانا للناس يستهله بالدعاية لجماعته ولحركته.




ماالذي حمل «حسن البنا» علي إذاعة هذا البيان، وقد رفض النقراشي باشا أن يسمح له قبل موته بإذاعة بيانات من هذا القبيل؟ وماالذي حمل إبراهيم باشا عبدالهادي علي السماح له بإذاعة هذا البيان، وماالمقصود منه؟

لقد كانت إذاعة هذا البيان ثمرة مفاوضات طويلة متصلة بين المرحوم الشيخ «حسن البنا» وبين مصطفي بك مرعي وزير الدولة وكان أساس هذه المفاوضات أن يذيع الشيخ «حسن البنا» هذا النداء تمهيدا للنظر في إعادة (الإخوان المسلمون) بعد إدخال إصلاحات علي خططهم وأنظمتهم. هذا هو موضوع المفاوضات كما زعموه لحسن البنا، ولكن الحقيقة أنهم كانوا يريدون أن ينتزعوا منه هذا البيان الذي يتبرأ فيه من القاتل، ويستنكر الجريمة والمجرمين، لما يحدثه هذا البيان من أثر في نفس عبدالمجيد. ولقد أجاب المرحوم «حسن البنا» طلبهم بحسن نية، فأصدر البيان كخطوة في سبيل عودة السلام.

ولقد دهش الناس في ذلك الوقت لصدور هذا البيان الذي يدل صدوره علي قرب عودة المياه إلي مجاريها، بين الشيخ «حسن البنا» والحكومة، فلما سألت واحدا من كبار السعديين عن تفسير هذا البيان، وهل هو مقدمة لعودة (الإخوان المسلمون)؟ إذ به يضحك ويقول: «بل لقد غررنا بحسن البنا لنحصل منه علي بيان، للتأثير به علي عبدالمجيد من ناحية، وليكون مقدمة لما يحل بعد ذلك بحسن البنا».



**بيان «ليسوا إخــــــواناً وليسوا مسلمــــــين»**


حاول النظام الخاص ان يحرق أوراق قضية السيارة الجيب فكلف شفيق أنس بوضع قنبلة حارقة بجانب دولاب حفظ أوراق القضية ولكن القنبلة أكتشفت، فأصدر حسن البنا بيانا يتبرأ فيه من العملية، بعنوان «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين» ويقول فيه إن الذين فعلوا هذا ليسوا إخوانا .

وفي هذا يقول محمود الصباغ:


«وقد هللت أجهزة الحكومة مدعية أن الغرض كان نسف المحكمة، وبالغت أبواق الإتهام تهييء الجو للقضاء التام علي الإخوان المسلمين، مما اضطر المرشد العام إلي إصدار بيانه ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين ليساعد علي تخفيف حدة الضغط علي الإخوان وهو أمر جائز شرعا في الحرب ويعد من خدعه، كما أوضحنا عند ذكر سرايا رسول الله لاغتيال أعداء المسلمين، ولكن الأخ عبدالمجيد أحمد حسن لم ينتبه إلي ذلك وتأثر بالبيان تأثرا قاده إلي الاعتراف علي إخوانه".



هذه هي الحقيقة الكاملة التي لايريد ان يعترف بها الدكتورعصام العريان رغم اقرار الاستاذ مصطفى مشهور بها ولولا اننا نثق ان الاستاذ عصام العريان رجل يريد خير المسلمين وله مواقف كثيرة ونحسبه مخلص وان كنا مختلفين معه لقلنا انه يتعمد قلب الحقيقة

وكذلك في برنامج تحت المجهر على قناة الجزيرة

الاستاذ العريان يُسيء الى الجماعة عن غير قصد بالطبع لا ينكر احد فضله وعمله لكنه اساء اسائة بالغة جدا عندما قال:

لو ان رجال النظام الخاص هم المسيطرون لانحرفوا بالجماعة الى مسلك العنف من جديد ,وهذا كلام خطير جدا

اولاً: هو يشكك في رجال هم خير رجال الدعوة بشهادة الاستاذ عمر التلمساني وقد راينا الاستاذ المرشد مصطفى مشهور الرجل الثاني في النظام الخاص والذي قاد الجماعة قيادة ناجحة جدا والكل يعرف تاريخه وكيف كانت جنازته رحمه الله؟

ثانيا: يقول من جديد وهو يؤيد بذلك كلام اعداء الاخوان واعداء الاسلام ان الاخوان استعملت العنف والارهاب وهي التهمة التي برأت المحكمة النظام الخاص منها بل وقامت بالانضمام الى الاخوان؟


سبحان الله لماذا يتم تشويه صورة النظام الخاص بغير الحق ولهذا يجب ان يقرا كل الاخوة الكتاب الذي اعتمده مكتب الارشاد وكتب المرحوم مصطفي مشهور مقدمته ليعرفوا الحقيقة وهو كتاب الاخ محمود الصباغ



حقيقة النظام الخاص ودوره في دعوة الاخوان المسلمين









الاثنين، 16 أغسطس 2010

غزة...أكاذيب تكشفها حقائق ج1





يعتمد نظام مبارك فى موقفه المعادى للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطينى على ترويج أكاذيب عديدة, مع الإصرار على تكرارها بصورة تستهدف غسيل مخ الشعب المصرى، تبريرا لموقفه الموالى لإسرائيل والولايات المتحدة. ونستهدف من هذه السلسلة الرد على هذه الأكاذيب بالوقائع والمعلومات التاريخية والحديثة، وسنركز فى كل حلقة على أكذوبة واحدة نظرا لكثرة الأكاذيب وتشعب الموضوع.








الكذبة:






مصر قدمت كثيرا من التضحيات من أجل فلسطين ولكنها تلقى الجحود، ولا يمكن أن يزايد أحد على موقف مصر من فلسطين ومصر قدمت آلاف الشهداء لفلسطين.






الحقيقة:

مصر ليست ملكا للنظام الحالى، ومن باب أولى فإن تاريخها ليس ملكا لحكام اليوم. كذلك فإن العمل الشعبى المصرى لدعم غزة وفلسطين لا يُحسب للنظام. والناس داخل مصر وخارج مصر يعارضون سياسات الحكم الحالى تجاه غزة ولا يعارضون مصر أو الشعب المصرى. فما علاقة نظام مبارك بقرار الملك فاروق عام 1948 بدخول حرب فلسطين، وسماحه بتدريب وسفر المتطوعين لفلسطين، وما علاقة نظام مبارك بالمتطوعين من الإخوان المسلمين ومصر الفتاة الذين حاربوا فى فلسطين عام 1948.


أما باقى الحروب التى وقعت بين مصر وإسرائيل قبل عهد مبارك فى أعوام 1956، 1967، وحرب الاستنزاف، حرب أكتوبر 1973، فقد كانت جميعا حروب بين مصر وإسرائيل جرت على الأرض المصرية، وليست لتحرير فلسطين، ولم يُكن الفلسطينيون طرفا فيها.


حرب 1956: حدثت بشكل مباشر بسبب تأميم قناة السويس، وقامت خلالها إسرائيل باحتلال سيناء ضمن العدوان الثلاثى, وانسحبت إسرائيل من سيناء بضغوط أمريكية روسية, ولكنها كسبت فتح مضيق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية وأنعشت ميناء العقبة.

حرب 1967: حدثت بسبب حشد القوات المصرية فى سيناء تضامنا مع سوريا, التى كانت تتعرض لتهديدات إسرائيلية، وقام عبد الناصر بطرد قوات الأمم المتحدة من سيناء، وأغلق مضيق تيران أمام السفن الإسرائيلية، وقد تسبب الخطأ فى حسابات عبد الناصر, وسوء الإدارة العسكرية للحرب, إلى قيام إسرائيل باحتلال سيناء والجولان السورية والضفة الغربية وغزة, ولم تكن هناك مقاومة فلسطينية مسلحة, فقد كانت منظمة فتح قد تأسست عام 1965 وما تزال منظمة وليدة. وقد تسببت الهزيمة العسكرية المصرية فى احتلال ما تبقى من فلسطين (غزة - الضفة).


حرب الاستنزاف: والتى اشتدت أساسا فى عام 1969، كانت على الأرض المصرية بين قواتنا على الضفة الغربية لقناة السويس وقوات إسرائيل على الضفة الأخرى, وأخذت شكل القصف المدفعى والعمليات الفدائية خلف خطوط العدوان فى سيناء. أى كانت حربا مصرية صميمة على الأرض المصرية، كما كانت وقائع حرب 1967 على أرض سيناء وفى العمق المصرى، وإن كانت قد حسمت فى الساحات الست الأولى.


حرب 1973: كانت حربا مصرية صميمة للعبور إلى سيناء واحتلال خط بارليف، بالتوازى مع هجوم سورى لتحرير الجولان. ولم تكن حربا لتحرير فلسطين، بل ولا حتى نجحت فى تحرير سيناء كلها.

وفى عهد مبارك بطبيعة الحال لم يحدث أى اشتباك, ولم تندلع حرب بين مصر وإسرائيل من أجل فلسطين، بل قمنا بالالتزام بكامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل, والتى تضمنت نزع سلاح معظم سيناء، وإمداد إسرائيل بالبترول المصرى، وبداية التطبيع مع إسرائيل فى مجال السياحة والزراعة. إذن فيما عدا حرب 1948 الفاشلة، كانت حروبنا مع إسرائيل من أجل مصر, وكل الشهداء والجرحى والأسرى المفقودين فى هذه الحرب هى تضحيات من أجل مصر، وليس فى ذلك أى عيب, ولكن يجب أن نقول الحقيقة، ولا نقول أن آلاف الشهداء والجرحى والأسرى كانوا من أجل فلسطين. بل لقد تخلينا عن غزة فى اتفاقية السلام, رغم أنها كانت وديعة لدى مصر، أى تحت الإدارة المصرية بين عامى 1948 - 1967، وهذا التخلى موقف غير أخلاقى وغير وطنى وغير عربى وغير إسلامى، وأدى إلى معاناة غزة حتى اليوم 2010.


ويردد الإعلام المصرى كثيرا أن مصر فى عهد السادات دعت الفلسطينيين للتفاوض مع إسرائيل فى مينا هاوس, ورفض الفلسطينيون وأضاعوا فرصة تاريخي, فى حين أن إسرائيل لم تقدم سوى الحكم الذاتى الخاضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية, ثم ماذا حدث بعد أن وافق عرفات على التفاوض من خلال أوسلو وما بعده, هل تحررت الأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967؟ أم تم اغتيال عرفات بأيدى عميلة لإسرائيل؟!


وعندما كان عرفات يعيش فى حضن نظام مبارك ألم تقم إسرائيل باجتياح وتدمير غزة والضفة عام 2000؟ ماذا فعل نظام مبارك خلال هذه الكارثة؟ ولا شىء إلا بعض الكلام الإعلامى. وفى ذلك الوقت طالب الأستاذ محمد حسنين هيكل بوقف السياحة الإسرائيلية على الأقل. ولكن نظام مبارك لم يتخذ أى خطوة عملية احتجاجية واحدة.


ما هى التضحيات التى قدمها النظام المصرى للقضية الفلسطينية فى عهد مبارك، بعض التصريحات الدبلوماسية خاصة خلال وجود عمرو موسى بالخارجية، وبعض المواد الإعلامية التى لا تقدم ولا تأخر، والتضحيات تكون بالنفس والدم والمال فأين هذه التضحيات؟!


أما السياسات العملية فهى كلها لصالح إسرائيل, وكل ما هو لصالح إسرائيل يكون على حساب القضية الفلسطينية، فرفع مستوى التطبيع مع الصهاينة فى السنوات الأخيرة هو مكافأة صريحة للكيان الصهيونى على استمرار احتلال القدس والاستعداد لهدم الأقصى واستمرار احتلال الضفة والجولان وحصار غزة, وكأن نظام مبارك نفسه يقول: لا تطبيع شامل مع إسرائيل بدون قيام دولة فلسطينية، ولكن النظام انحدر تحت الضغط الأمريكى وربما بسبب موضوع التوريث، وفتح التطبيع على مصراعيه مع الصهاينة فى مسألة الغاز الطبيعى والكويز. والعلاقات السياسية أصبحت خاصة جدا حين التقى مبارك خلال عام 2009 وحده بشيمون بيريز 3 مرات ونتنياهو 3 مرات وقال سفير إسرائيل فى مصر أن العلاقات الأمنية بين البلدين وصلت إلى مستوى غير مسبوق, وعندما اعتدت إسرائيل على غزة حمل نظام مبارك حماس المسئولية عن العدوان بسبب الصواريخ وأعطى مظلة إعلامية للعدوان، خاصة فى الأسبوع الأول, ولكن بعد الصمود الأسطورى لغزة تغيرت اللهجة الإعلامية, ولكن لم تتغير سياسة إغلاق معبر رفح، بل كان التهرب من موضوع معبر رفح هو أساس هروب النظام المصرى من قمة الدوحة, وأحيانا يقصدون بالتضحيات تلك المعونات التى تدخل بين حين وآخر لغزة عبر معبر رفح, والمقتصرة على المعدات والعقارات الطبية، ومعظم هذه التبرعات من جهات شعبية مصرية أو عربية أو إسلامية أو عالمية، وإذا كان الهلال الأحمر المصرى يرسل أحيانا بعض المعونات فهى أقل من إمدادات إسرائيل (التجارية) للقطاع, ومن العيب أن نسمى هذه المعونات البسيطة تضحيات!


وحتى مع افتراض أن مصر الحكومة أو الشعب تقدم شيئا للشعب الفلسطينى فلا يجوز أخلاقيا، ولا من ناحية الفروق واللياقة، أن نردد أننا أصحاب فضل، فهذا هو المن والأذى، وهذا يقلل من الكبير ويجعله صغيرا. والإعلام والتصريحات الرسمية تقع فى هذا الخطأ المشين لأن على رأسهم بطحة، فيكاد المريب يقول خذونى، فيجعل من الحبة قبة. وأنت إذا سمعت أحدهم يبدأ حديثه بتضحيات مصر من أجل فلسطين فاعلم أنه سينهى كلامه بالهجوم على غزة وحماس والمقاومة!!

وهل من ضمن تضحيات مصر لفلسطين، منع الغاز الطبيعى عنها والبنزين والمواد الغذائية ومواد البناء. وعدم إدخال أى بضائع لغزة إلا بإذن من إسرائيل.


وهل من ضمن تضحيات مصر (أعنى النظام) لفلسطين محاكمة من يحاولون إمداد غزة بالسلاح باعتباره عملا إرهابيا، وأن تطلب لهم النيابة الإعدام؟!


وهل من ضمن تضحيات النظام المصرى لفلسطين أن السجون المصرية لا تخلو من عشرات من حماس والجهاد وباقى منظمات المقاومة رغم أنهم غير متهمين بشىء ضد مصر!


إذن صحيفة عهد مبارك تجاه فلسطين سوداء، فلا داعى للحديث عن تضحيات مصر، ولا يجوز للقرعة أن تتباهى بشعر أختها، فأى شىء قدمته مصر لفلسطين فى عهد فاروق أو عبد الناصر لا ينسحب على هذا العهد، وليس له أى فضل فيه.


مثلا يحسب لعهد عبد الناصر أنه أيد تنظيم مقاومة فلسطينية فى غزة ضد إسرائيل، وهو ما عرض مصر لضربة انتقامية إسرائيلية فى عام 1956، وهو ما دفع عبد الناصر للحصول على سلاح من تشيكوسلوفاكيا. ولكن ما علاقة مبارك وأبو الغيط ومن معهما بذلك التاريخ المشرف. وما علاقة واقعة حدثت منذ أكثر من نصف قرن بالسور الفولاذى عام 2010 لخنق غزة؟! نحن وغيرنا نقيم نظام مصر فى زمن محدد، ولا علاقة لذلك بمصر العظيمة, وبكل ما هو مشرف فى تاريخها. وإذا حكمنا لصوص فى زمن ما فما علاقة ذلك بأن مصر حكمها شرفاء من قبل؟! اتركوا مصر لحالها ودافعوا عن سياستكم الممالئة لإسرائيل وأمريكا, واتركوا تاريخ مصر فى حاله لأنكم لا تعرفون عنه شيئا.


والطريف أن أبى الغيط أراد أن يعطى انطباعا أنه مثقف ويعرف تاريخ مصر، فقال: مصر عين جالوت (أى أنها تهتم بالعرب)، وقد اختار عين جالوت لأنها كانت ضد التتار، ولم يقل حطين لأنها تتعلق بتحرير القدس!! هل يعلم أن قائد النصر فى عين جالوت كان من وسط آسيا، وأن صلاح الدين كان كرديا؟!

إنهما معانى لا تدركها عقليات الحكم الحالى المشغول بإثارة النعرة المصرية ضد فلسطين وضد العرب والمسلمين عموما.

وإذا جاز أن مصر قدمت شيئا لفلسطين فى هذا الزمن أو فى زمن سابق، فهذا من صميم المصلحة المصرية، وليس تعطفا اختياريا على الفلسطينيين، فمصلحة مصر وأمنها القومى الشامل بالمعنى الاقتصادى والسياسى والعسكرى مرتبط بمحيطها العربى، ويبدأ ذلك بدول الجوار: فلسطين - السودان - ليبيا - السعودية (الذى رفض مبارك إقامة جسر برى إليها بناء على طلب إسرائيلى) - الأردن.


وعبر التاريخ كانت فلسطين جزء لا يتجزأ من الدولة المصرية فى كل فترات قوتها، منذ عهد الفراعنة حتى عهد عبد الناصر، خاصة جنوب فلسطين، خاصة غزة! ومن الناحية الإسلامية التى يسقطها النظام من تفكيره، فإن مسئوليتنا عن تحرير القدس والمسجد الأقصى لا تقل عن الفلسطينيين، فالقدس وفلسطين كلها أرض إسلامية محتلة، ومن واجبنا أن نضع إمكانياتنا من أجل تحريرها، وهذا لا يكون بهذه الصداقة الحارة مع الكيان الصهيونى.


وبالتالى فإن كثرة الحديث عن فلسطين والفلسطينيين بالذم والقدح، أو بالحديث عن النزاع الفلسطينى - الإسرائيلى، ودور حكومة مصر كوسيط!! هو أمر يعاكس ويناقض كل فتاوى ومقررات الأزهر منذ عام 1948، وحتى عهد عبد الحليم محمود, والتى تعتبر بإجماع العلماء أن فلسطين بلد إسلامى محتل, ويتعين العمل على تحريرها، لا الارتماء فى أحضان الصهاينة، والقتال لمنع تهريب قطعة سلاح واحدة لغزة!


إن الكيان الصهيونى هو المنافس الأول، لمصر فى مجال زعامة المنطقة، فمصر هى المؤهلة بحكم وضعها التاريخى والجغرافى والحضارى لجمع العرب والمسلمين لحصار الكيان الصهيونى ودعم المقاومة الفلسطينية، ولكن نظام مبارك سلم الرايات للكيان الصهيونى والولايات المتحدة، وانسحب من الميدان، لذلك لابد أن "يلسن" على فلسطين والفلسطينيين وحماس والمقاومة الفلسطينية، وحزب الله، وإيران، وسوريا، ليبرر هذا الموقف المشين الذى لابد أن يسقط قريبا لأنه يتعارض مع أبسط وقائع التاريخ والجغرافيا والعقيدة.


مرة أخرى أن كثرة الحديث عن تضحيات مصر (النظام) من أجل القضية الفلسطينية هو من قبيل (يكاد المريب يقول خذونى)!وسيتضح ذلك أكثر فى الحلقة الخاصة بمعبر رفح.






وإلى اللقاء مع الأكذوبة الثانية






مجدى أحمد حسين
















محلق الشيخ يوسف القرضاوى:  تحرير الأرض المحتلة واجب الدول المجاورة






جهاد الدفع هو الجهاد الذى تدفع به الأمة عدوا غزاها فى أرضها, فهى تقاومه حتى لا يدخل أو يتوغل, وإذا دخل فهى تطارده حتى يجلو عن أرضها ويرحل. فهذا النوع من الجهاد هو جهاد المقاومة والتحرير لأرض الإسلام من الغزاة، وقد أجمع الفقهاء على أنه فرض عين على كل بلد تعرض للغزو والاحتلال, بحيث يجب على أهله جميعا أن ينفروا إلى مقاومته, وعلى سائر المسلمين معاونة هؤلاء المعتدى عليهم بكل ما يحتاجون إليه من مال وسلاح ورجال وعتاد, فالمسلمون أمة واحدة، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم. وإذا عجز أهل البلد عن مقاومة الغزاة (حالة فلسطين) انتقل واجب الجهاد والمقاومة على من يليهم من جيرانهم المسلمين، والأقرب فالأقرب، ثم على من يليهم حتى يشمل المسلمين كافة. (مصر أهم جار لفلسطين).

الأربعاء، 11 أغسطس 2010

أسرى فلسطين في مصر..بين المطحنة و المعجنة







قبل كتابة هذه السطور, تذكرت سؤالاً...أيهما أرحم للأسرى الفلسطينيين..السجون الصهيونية, أم السجون المصرية؟!!

مما لاشك فيه أن السجون الصهيونية أرحم بكثير من السجون المصرية, فاليهود الذين اعتادوا على الجرم القبيح الذي لا يغالطه إلا عميل وخائن أصبحوا أكثر رقياً ولو بشكل ضئيل في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين, على عكس أنظمتنا العلمانية التي تُحارب الدين وتمييعه, بل وتحارب كل من فكر_ ولو لحظة_ أن يعترض على وجود الكيان اللقيط, وهذا ما تفعله مصر الشقيقة في حق شباب غزة المدفون حياً في سجون مصر...

إنه من المشين في حقنا كمصريين أن نسمع أن هناك مسلماً شريفاً جاهد ضد اليهود,و يقبع في سجون مصر بين الترهيب و التعذيب للإدلاء بشهادات تخص أسلحة حماس أو عن مكان شاليط, ولا أدري أشرٌ أريد بأهل غزة أن يكمنوا بين مثلث الرعب المكون من الكيان الصهيوني, وسلطة العمالة, والنظام المستذئب الذي كال لشعبه ولشعوب المسلمين أشد العذاب؟!!...

إن دماء يوسف أبو زهري شاهدةً على ظلم هذا النظام و أجهزته في حق إختيار الشعب الفلسطيني لحركة حماس كتنظيم يتحدث عن معاناته ويدافع عن حرماته..لقد تابعت حوار إبراهيم أبو مسعود رئيس شرطة خان يونس الذي جاء إلى مصر لعلاج والده, ولم يسلم مرض والده أن يشفع لاحتجازه في قسم التعذيب المصري...تجرع ألواناً عدة من التعذيب ما بين صعق وضرب وسحل وتجويع للإدلاء بتصريحات عن مكان "شاليط"..

وما دخل مصر بمعرفة مكان "شاليط" ؟!! أعجزت عن تحليل مقتل 55جندي مصري على الحدود؟!! أعجزت عن تحليل خروب مجندات إلى إسرائيل؟!! أعجزت عن حل أزمة النيل المتواجدة؟!!ثم هل انتهت خسة النظام في تبريره للجدار العازل؟!!!ثم أيضاً لماذا الإعتقال للشباب الفسلطيني, أهو الخوف الذي حلَّ عليكم أهل العمالة على الإسلاميين الذين اختارتهم شعوبهم ليتحدثوا عن مشاكلهم؟! لماذا كل هذا الخوف من التيار الإسلامي؟!!هل انتهيتم من محاكمة قتلة خالد سعيد, حتى تتجهوا إلى محاكمةالشباب الذين حملوا القرآن و الصاروخ في مواجهة المد الصهيوني؟!!

إنني أرى أن هذا النظام إما أن يعترف بردته و بإتجاهاته الصهيونية, أو أن يعتزل مجتمعاتنا الساذجة التي طأطأت رأسها للأعوجِ...ليس غريباً على شاب قضى مدة ثماني سنوات من عمره خارج غزة, ويرجع إليها, وتحتضنه السجون المصرية قبل رؤية أهله..

نعم هذه حالة ليست بجديدة على هذا النظام القمعي الذي طال آذاه القاصي و الداني أن يقوم بتعذيب الشاب "طلال" بالصعق بالكهرباء التي أقلها في الرأس, و الوخز بالإبر, و الضرب بوحشية في أماكن حساسة..

يقول هذا الشاب: "فور وصولي إلى مطار القاهرة الدولي وتقديم جواز السفر لموظفي الأمن حضر عدد من رجال الشرطة واقتادوني إلى غرفة داخلية في المطار وبقيت محتجزا فيها عدة ساعات تمكنت خلالها من الاتصال بعائلتي وأبلغتهم بالأمر وبعدها صادروا هاتفي المحمول ثم وضعوا الكيس على راسي وقيدوني ودفعوني داخل سيارة كما يعامل المجرمون واللصوص".

ثم يتايع : "وما هي إلا ساعة أو ساعتين لا أدري بالضبط، وإذ بي أجد نفسي في مكان أسمع فيه صراخ أناس وأصوات ضرب وتكسير، عندها أيقنت أنني في قسم التحقيق في جهاز أمن الدولة المصري سيء الصيت والسمعة....وما هي إلا لحظات حتى انهال علي بالضرب في جميع أنحاء جسدي وحينها أيقنت أنني وقعت فريسة لوحوش لا يعرفون للإنسانية معنى". مضيفا "بعد أخذ بياناتي وضربي في المرة الأولى دخلت إلى قسم التحقيق، حيث كان المحقق يوجه لي أسئلة عديدة وغريبة عن المقاومة وأماكن تخزين السلاح والنشطاء في غزة وفي سورية"

ثم يتابع  :"وفي كل مرة كان يزداد الضرب إلى أن فوجئت بوضع جسم غريب على صدري وحينها شعرت بجسمي يرتج بقوة فأدركت أنني أمام جهاز للصعق الكهربائي الذي كنت أسمع عنه عبر وسائل الإعلام وفي أثناء ذلك كان شخص آخر يقوم وخزي بالإبر إلى أن انهرت وأغمي علي..استيقظت في غرفة قذرة دون معرفة التوقيت حتى جاءني محقق آخر في جولة تحقيق جديدة، حيث استمرت هذه الجولات دواليك، وكانت أسئلة كافة المحققين تتشابه وتركز على أسماء المقاومين وأماكن تخزين السلاح والصواريخ والنشطاء، قائلا "لم تفلح كافة محاولاتي في إقناعهم بعدم معرفتي شيء بحكم غيابي عن غزة منذ ثماني سنوات وتفرغي للدراسة فقط".




وأضاف قائلاً: "استمر هذا الحال معي في جولات تحقيق متتالية لمدة سبعة أيام تحت الضرب والصدمات الكهربائية والشتم بكافة أنواعه، إلى أن اقتنعوا بعدم وجود معلومات لدي وأنه لا يوجد لي أي نشاط لا من قريب ولا من بعيد، حينها أبلغت من قبلهم بانتهاء التحقيق ونقلي إلى السجن...وفي صباح اليوم الثامن من التحقيق نقلت إلى أحد أقسام الشرطة في القاهرة ومكثت هناك ثلاثة أيام دون أن أعرف شيئا عن الدنيا، حيث كنت معزولا تماما في ظروف بالغة السوء، حيث لم يكن هناك فراش ولا غطاء ولا ماء ولا طعام ناهيك عن الجرذان والحشرات التي تصول وتجول في أرضية السجن...انتقلت بعدها إلى قسم آخر عرفت فيما بعد أنه في الإسماعيلية ومكثت يومين في نفس الظروف السابقة، وفي هذه المرة التقيت بسجناء تعرضوا للتعذيب ورووا لي قصص مؤلمة عما تعرضوا له على أيدي محققي جهاز أمن الدولة"


ثم قال الكلمة المدوية: "لم أصدق حتى الآن أنني بت حرا طليقا، وإن ما تعرضت له من قبل أشقاء مصريين لن يمح من ذاكرتي، فقد كان أمرا مؤلما حقا ولم أتوقعه في حياتي...كنت اعتقد أن تعذيب الفلسطينيين في السجون المصرية هو أمر مبالغ فيه حتى أيقنت بالتجربة أنه حقيقة مرة ويجب أن يتوقف".


لكن الحقيقة أن مصر لم تعد أيضاً ملجأً لأماكن تعذيب الأسرى الغزاويين, بل كانت مرتعاً للقهر و التنكيل بمعتقلي جوانتناموا, ولن ننسى أبداً ما قاله أحد الشباب المعتقلين الذين أقروا في أحد أفلامهم الوثائقية على الجزيرة, أنه بعدما فشل قادة معتقل جوانتناموا من أخذ أي أدلة من هذا الشاب, قاموا بإرساله إلى مصر, ومنها سيضطر إلى الإعتراف, فخرج من مصر وكتب كتباً يسجل فيه اقبح أعمال التعذيب التي جرت معه..

إن هذا النظام الفاشي طُرد من قلوب المصريين, ولا يزال يُسوغ جرائمه بحجة الأمن القومي, و الدفاع عن حرمات الوطن, وهو أعجز أن يدافع عن كرامة أبناء الوطن داخل وخارج الوطن..وسيأتي زمان يُقتص لحق الأبرياء و الشرفاء.

الاثنين، 9 أغسطس 2010

النيل, وخيارات مصر الصعبة






بداية أعترف بأنني ربما أكون قد تأخرت قليلاً في مناقشة هذه القضية المصيرية ، والتي لا تطال مصر والسودان فقط بل دول المنطقة العربية بأسرها ، ولكن كان لتسارع الأحداث وكثرة الملفات المتعلقة بهذه القضية ، وكم المفاجآت التي يكشف عنها كل يوم ، دور في هذا التأخير ، فهي أمور تجعل من العسير علي واضعي الحلول و الاستراتيجيات الوصول لرؤية شاملة في كيفية التعامل مع قضية مياه نهر النيل ، والتي أصبحت خلال فترة وجيزة من أهم وأعقد قضايا الأمن القومي علي طاولة الحكومة المصرية ، بل إن هذه القصية قد وضعت سمعة ونفوذ ومكانة مصر الخارجية والإقليمية علي محك اختبار شديد الصعوبة ، أخشي أن تخرج منه بخسارة لا تدرك عواقبها ، ولا تحتمل تبعاتها .

القضية شديدة التعقيد ....لماذا ؟

هناك عدة أمور ساهمت في تعقيد هذه القضية المرشحة بقوة لئن تكون قضية الموسم منها :

تاريخية الاتفاقيات

الجدل الثائر حول توزيع عادل لمياه نهر النيل أشبه ما يكون بكرة الثلج المتدحرجة من أعلي التل وهي تزداد حجما وضخما كلما اقتربت من سطح الأرض ، فالقضية ليست وليدة الأيام الماضية فحسب ، فالجدل الدائر حولها منذ سنوات بعيدة ، واستدعي العديد من الاجتماعات والمؤتمرات علي مدار القرن المنصرم ، وتوزيع الحصص بين دول النهر ــ المنبع والمصب ــ جاء بناء علي محصلة تاريخية وهندسية وقانونية ودولية ، ليس من اتفاقية 1929 وحدها ، بل قبلها وبعدها من التفاهمات والاتفاقيات ابتداء من برتوكول روما 1891 ثم معاهدة أديس بابا 1902، معاهدة لندن 1902، معاهدة التفاهم بين انجلترا وإيطاليا وفرنسا 1906، تفاهمات إيطاليا وانجلترا 1925 ، معاهدة لندن 1929 ، مذكرات 1938 ، 1953 ، معاهدة مصر والسودان 1959 ،اتفاق أوغندا 1991،اتفاق أثيوبيا 1993 ، استقرت الحصص الموزعة علي إعطاء مصر 79% لمصر ذات الكثافة السكانية الضخمة ، ثم السودان 18% وهي ذات المساحة الأكبر إفريقيا وعربيا في القارة ، وال13% الباقية لدول المصب السبعة ( أثيوبيا ـ كينيا ـ رواندا ـ بوروندي ـ أوغندا ـ تنزانيا ــ الكونغو الديمقراطية ) وليس في هذا ظلم أو إجحاف كما تروج دول المصب ، لعدم حاجة هذه الدول الفعلية لمياه النهر للأمطار الاستوائية التي تتساقط طوال العام ، ولعدم وجود الدافع التنموي والاقتصادي الذي يستوعب المزيد من حصص المياه في هذه الدول ، ولكن مع تغير الأوضاع وتغلغل الصهاينة في العمق الاستراتيجي لمصر في إفريقيا بدأت المطالب تتزايد بخصوص تعديل حصص كل دولة ، والحجة أن الاتفاقيات قديمة وعفا عليها الدهر ، وكانت من صنع الاحتلال الانجليزي ، إلي آخر هذه المبررات التي تدور في الأساس علي عدم صلاحية الاتفاقيات القديمة .



التناول الإعلامي للأزمة :


 هذه ليست المرة الأولي التي يثور فيها الكلام عن قضية توزيع حصص مياه النيل ، فأثيوبيا منذ حقبة السبعينيات وهي تقود حملة مطالبة لإعادة توزيع مياه النهر بتحريض قوي من الصهاينة ، حتى أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات هدد صراحة بشن حرب علي أثيوبيا إن هي أقدمت علي بناء سد علي بحيرة (تانا) كما كانت تنوي وذلك سنة 1979 ، ومضي قدما في التحضير لحرب خاطفة علي أثيوبيا ، واجتمع مع قادة جيشه للتشاور في خطة الحرب وكان لهذه الخطوات العملية والسريعة أثر في عدول أثيوبيا عن خططها .

 ولكن هذه المرة اختلفت صورة الحال ، بسبب التناول الإعلامي للقضية ، فالخطاب الإعلامي بخصوص هذه القضية أخذ أشكالا متنوعة في دول المصب والمنبع ، وأيضا في وسائل الإعلام العالمية بشكل ساهم بقوة في تعقيد القضية وتفاقمها ، ففي مصر مثلا أكبر المتضررين بهذه القضية اتسم الخطاب الإعلامي الرسمي بالثقة الزائدة التي تصل لحد الغرور والتعالي في التعامل مع القضية ، كأن الأمر قد حسم ولا مجال للتفاوض عليه ، ومارست وسائل الإعلام المصرية نوعا من التطمين الزائد للداخل المصري حيال هذه القضية ، وراح المسئولون يؤكدون علي ألا مساس بحصة مصر في مياه النيل ، وأن الاتفاقيات في صفنا ، ولا يجرؤ أحد من الدول الأفريقية (الصغيرة) علي العبث مع دولة بحجم مصر ، وأن العسكرية المصرية قادرة علي حسم الصراع في ساعات ، وهو الأمر الذي أغضب بشدة وسائل الإعلام الأفريقية التي اتهمت مصر بالعنجهية والغرور والتعالي في تعاملها مع القضية ، وأصبح الخطاب الإعلامي في هذه الدول خطابا تحريضيا سافرا يقوم علي العنصرية ومعاداة العرب والعروبة والإسلام أيضا ، فدخل البعد العقائدي مع العنصري ، وهو أسوأ خليط ينبني عليه صراع بين طرفين ، ولعل تصريحات رئيس الوزراء الأثيوبي ( زيناوي ) أمس خير دليل علي حجم الاحتقان والغضب داخل هذه الدول إذ شن هجوما سافرا علي القيادة المصرية ، ووصفها بأنها تسيطر عليها أفكار بالية عفا عليها الدهر ، وفي لهجة عدائية تحدي مصر أن يكون لها القدرة علي وقف بناء السدود ، كما أظهرت نتائج الاستطلاع التي عقدت داخل كينيا وأوغندا وتنزانيا ، أن غالبية شعوب هذه الدول تطالب ببيع مياه النيل لمصر والسودان ، مثلما يقوم العرب ببيع النفط الموجود في أراضيهم ، فالنفط هو الذهب الأسود ، والماء هو الذهب الأزرق ، وذلك نقلا عن صحيفة ( جيما تايمز )الأثيوبية في عددها الصادر بتاريخ 24 أبريل الماضي .

أما وسائل الإعلام العالمية فهي تنتهج خطا تحريضيا واضحا إزاء هذه القضية ، والتسريبات الإعلامية اليومية حيال هذه القضية تدور في معظمها علي فشل المفاوضات بين الجانبين ، والاستعدادات العسكرية المقبلة من جانب مصر والسودان ، والصحف العبرية كل يوم تسرب معلومات استخباراتية عن سيناريوهات الحرب المقبلة وتوقعاتها لشكل الهجوم المصري علي السدود الأثيوبية ، كما أخذت وسائل الإعلام الدولية في تأجيج العداوة الإفريقية للعرب والدول العربية وإثارة الحديث عن النعرات القبلية والصراع في السودان بين العرب والزنوج ، وكلها أمور تصب الزيت علي النار، حتى غدت المنطقة في أجواء حرب إقليمية شاملة .


الأصابع الصهيونية:

 لم يعد التعرف علي ملامح الدور الصهيوني في إشعال وتوتر الأوضاع في منطقة حوض النيل بالأمر الخفي الذي يحتاج إلي استنتاجات أو معلومات ، فهو من الوضوح بمكان أن يلحظه حتى رجل الشارع العادي الذي أصبح وعيه السياسي في الآونة الأخيرة أكثر نضوجا وتفتحا في عصر الفضائيات والسموات المفتوحة .

ولكن الذي قد يكون خافيا على كثير من الناس أن الأصابع الصهيونية تعبث بمنطقة شرق ووسط أفريقيا منذ أكثر من نصف قرن ، فمنذ أواسط الخمسينيات والصهاينة يتبعون سياسة خارجية ثابتة حيال تطويق العالم الإسلامي والمنطقة العربية تحديدا من أطرافه المحيطة الثلاثة غير العربية ، وكان الصهيوني بن جوريون أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني هو أول من فكر في سياسة شد الأطراف من أجل تطويق المنطقة العربية والإسلامية سنة 1955 ، وكانت تلك السياسة تقوم في الأساس علي إقامة علاقات وثيقة ومتينة مع ثلاث دول هي أثيوبيا في الجنوب وإيران في الشرق وتركيا في الشمال ، وهي دول تنتمي لعرقية وقومية مختلفة عن العرب ( التركية والزنجية والفارسية) .

وقد نجحت تلك السياسة في تمكين إسرائيل من التغلغل في قلب إفريقيا وإقامة علاقات متباينة القوة مع معظم دول الداخل الإفريقي في الشرق والغرب والجنوب ، وذلك من أجل عزل الشمال الذي يوجد فيه العالم الإسلامي والعربي ، وركزت إسرائيل في علاقاتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية علي أثيوبيا التي تمثل رأس حربة العداء الديني والعرقي للعرب والمسلمين في إفريقيا كلها ، ومنذ أوائل الستينيات وآلاف الخبراء الصهاينة في شتى المجالات خاصة الزراعة والتسليح ، وتدفقت المساعدات الفنية والتقنية علي حكومة أديس بابا لمساعدة حكومة الطاغية الصليبي هيلاسيلاسي في حربه ضد الغالبية المسلمة في أثيوبيا .

الأصابع الصهيونية تبدو حاضرة بقوة في الأزمة الحالية فالدعم المادي والسياسي الإسرائيلي لدول المنبع كلها مكن هذه الدول الصغيرة تطالب بحصص متزايدة من نهر النيل ، ليس للمساعدة في النهوض والاستثمار كما تدعي ، بل لبيع هذه الحصص مرة آخري لمصر والسودان ، بحجة أن مصر والسودان يسرفان في استخدام الموارد المائية ، وكانت أوغندا قد طالبت المجتمع الدولي سنة 1996 بوقف إساءة مصر والسودان في استخدام مياه النيل ، والعجيب أن هذه المطالبات جاءت بعد فشل المفاوضات المصرية الإسرائيلية الخاصة بنقل 8مليارات متر مكعب من مياه النيل لإسرائيل عبر قناة خاصة في سيناء أطلق عليها اسم ترعة السلام .

 الأصابع الصهيونية تعمل بقوة علي تسخين الجبهات في دول المصب بإثارة النعرات القبلية واللعب علي أوتار الصراعات القومية العرقية في السودان والصومال وأريتريا ، ونبش التاريخ القديم للوجود المصري في دول حوض نهر النيل ، وإبراز التصريحات المصرية ووصفها بالعنجهية والاستعلاء ، مما زاد الوضع اشتعالا وسوءً ، ودول المنبع دول صغيرة فقيرة أنهكتها الحروب الداخلية والعرقيات المتصارعة ( الهوتو ــ التوتسي ) قليلة الخبرة في المجال السياسي ، لا تعرف ألاعيب إسرائيل ودسائسها ، فهي منقادة شعوبا حكومات خلف شياطين الإنس ــ الصهاينة ــ ويجهلون أنهم مجرد أداة في يد صانع القرار الصهيوني من أجل الضغط علي مصر واستلال المزيد من التنازلات منها ، وشغل العرب ودول المنطقة بأزمة النيل الخانقة لتتفرغ هي لاستكمال تهويد القدس بالكامل .



عداوة أثيوبيا التاريخية

أثيوبيا أو الحبشة كما ينبغي أن نسميها تحمل ذاكرة تاريخية مشحونة بالعداء والكراهية والحقد الشديد علي المسلمين عموما والعرب خصوصا ، فعلي الرغم من كونها ثاني بقعة علي وجه الأرض يصل إليها الإسلام ، إلا أن تاريخ العداء الحبشي يبدأ من يوم أن هاجر إليها الصحابة في العام الخامس من النبوة ، إذ كان دخول النجاشي زعيم الأحباش في الإسلام سبب لحقد وعداوة لا تنتهي من جانب الكنيسة الحبشية التي حرصت عبر الأجيال علي نقل ميراث الكراهية ضد الإسلام والمسلمين والعرب علي مر الأجيال .

 وأثيوبيا أو الحبشة لم تكن في حاجة لتحريض من أمريكا أو الصهاينة لمعاداة المسلمين والعرب ، فهي تسبقهم في هذا المضمار بقرون طويلة ، بل إن فكرة تهديد مصر بقطع مياه نهر النيل عنها ترجع إلي سنة 265 هجرية ، عندما استغاث مسلمو الحبشة بسلطان مصر أحمد بن طولون لنجدتهم من التنكيل والبطش الشديد من جانب إمبراطور الحبشة الصليبي ، و طلب بطريرك مصر من بطريرك الحبشة الكف عن أذي المسلمين بالحبشة ، فازداد الأحباش في تنكيلهم بالمسلمين وهدد الإمبراطور بقطع مياه نهر النيل إن فكر أحمد بن طولون في غزو الحبشة .

 أثيوبيا وعلى مر العصور هي تعادي العالم الإسلامي وتمارس أبشع أنواع التعذيب والتنكيل بمسلمي أثيوبيا الذين يمثلون أغلبية السكان ، بل إن تاريخ أثيوبيا الصليبي يفوق تاريخ الكثير من الدول العريقة في عداوتها للإسلام والمسلمين ، وظلت علي عداوتها حتى أيامنا الحالية ، وآخر تجسيد لهذه العداوة كان في أزمة النيل ، وأثيوبيا حاولت عدة مرات العبث بأمن مصر المائي ، هذا ما أحسن الصهاينة استغلاله ، فمولوا بناء السدود وأقاموا المشاريع الزراعية ، علي الرغم من عدم احتياج هذه الصناعات لمياه النيل لوفرة الأمطار الموسمية ،وارتفاع الأراضي الأثيوبية عن سطح الأرض بأكثر من ثلاثة آلاف متر ، ولكنه الحقد التاريخي الذي وجد من يموله ويسانده ويشد من أزره .



خيارات مصر الصعبة :

 الأزمة كما بينا شديدة التعقيد ، وتدخل الصهاينة زادها تعقيدا ووعورة ، وأصبحت خيارات الحكومة المصرية تجاه التعامل مع هذه الأزمة خيارات صعبة ، وقد شعرت دول المنبع بصعوبة موقف مصر ، فقالت وزيرة الري الأوغندية ( جنيفر نامويانجو) بكل ثقة في تصريح لها استبقت به زيارتها لمصر يوم الجمعة 21 مايو :( أن مصر ليس لديها أي خيار آخر سوي التوقيع علي الاتفاقية الجديدة ) ، وهو ما يخشاه الكثيرون من المحللين والمراقبين داخل مصر وخارجها ، حيث رأوا أن السياسية الخارجية المصرية القائمة علي الانكفاء علي الذات ، ورفع شعارات مصر أولاً ، ومصر للمصريين ، وغيرها من الشعارات التي كان الهدف منها تأمين الوضع الداخلي ، و تقلص الدور المصري في المنطقة العربية والإسلامية حتى اقتصر علي دور الوسيط في ملف المصالحة الفلسطينية ، كلها أمور أفقدت مصر قدرتها علي التأثير علي الدول الإفريقية ، وأفقدتها أدوات الضغط اللازمة لوقف التغلغل الصهيوني في أسفل العالم العربي والإسلامي ، وبالتالي أصبحت خيارات مصر صعبة ومحدودة للغاية .

 في حين يري الكثيرون من المحللين والمراقبين أيضا أن مصر لن تستطيع أن تخوض حربا مع دول حوض النهر لاعتبارات كثيرة سياسية واقتصادية وعسكرية وميدانية ، وأن أغلب الظن أن مصر سترضخ لمطالب دول الحوض في دفع ثمن مياه نهر النيل ، وهو ما سيتبعه من إجراءات داخلية مشددة من رفع ثمن مياه الشرب في المنازل ، ووقف بعض الزراعات التي تحتاج لمياه كثيرة مثل الأرز والاتجاه لاستيرادها بدلا من زرعها ، وقف بعض المشاريع التنموية في المناطق الجديدة ، إلي آخر هذه الإجراءات التي شبهها بعض المراقبين، بأنها مثل الوالد الذي ينهال علي أبناءه ضربا إذا اختلف مع جاره .

والواقع أن مصر بيدها العديد من الملفات والأوراق التي تستطيع أن تمارس بها ضغطاً موجعا علي دول الحوض ومحرضهم الصهاينة ، من أهمها ورقة المقاومة الفلسطينية ، والحدود مع غزة ، ودعم استقرار الأوضاع في الصومال ، و دعم المسلمين في أثيوبيا وتبني مطالبهم في المحافل الدولية والوقوف بجوار مجاهدي الأوجادين ، دعم دولة أريتريا كابوس أثيوبيا الأول ، وبناء علاقات قوية مع هذه الدولة الخطيرة ، وبالتالي يكون لمصر وجود في خاصرة أثيوبيا ، يسهل منه الانطلاق في عمليات حربية ، إن استدعي الأمر ذلك ، منع تصدير الغاز إلي الصهاينة ، وبصورة رسمية وقانونية بحكم من محكمة القضاء الإداري ، حقيقة بيد مصر الكثير من أوراق الضغط التي تستطيع أن تؤدب بها أثيوبيا وإسرائيل ، والباقي تبع لهما ، ولكن هذه الأوراق قرينة وجود الإرادة السياسية اللازمة لهذه الخطوات القوية ، لكن الاكتفاء بالمباحثات والمؤتمرات والزيارات الخارجية ، والمراهنة علي الاتفاقيات الدولية واحترام الغير لها ، فهذا حتما سيقود مصر لتوقيع المعاهدة الجديدة ودفع ثمن كوب الماء الذي سيشربه المصريون .

شريف عبد العزيز_ مفكرة الإسلام