الأربعاء، 12 مايو 2010

تبصرة العباد..بين مقام المرشد وقُدسية أعلم أهل الأرض و السماوات





بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله:







عندما التقت عيني برؤية أساتذي من الإخوان يسعون جاهدين لتحفيظي القرآن الكريم, تجلت في مقلة عيني النجلاء ذلك الزمان الذي سطع فيه نور الإسلام على تلك البسيطة لينشر سنا هذا الصرح العظيم في ربوع الدنيا, تغنيت بـ "ملكنا هذه الدنيا القرونا", ومضيت أحلم بالأقصى "صلاح الدين يا جدي", وقمت مفتخراً أنني مسلمُ "رددي يا جبال"...







تراءت في عيني ذلك الزمان الذي قام فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضع لبنات الأمة بصهر الإخوة في الله في قلوب أصحابه "ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا", بل و أوصاهم بها قبل وفاته "إنما أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم"... ومرت الأيام, واستقرت ديار الإسلام بعد الإنقلاب المعتقدي و الحرب الأهلية, وقام ابن الخطاب ينشد الصديق أن يعفيه من القضاء بعد مرور عام على توليه القضاء في الدولة الإسلامية لهذا السبب : "ولكن لا حاجة بي عند قوم مؤمنين، عرف كل منهم ما له من حق، فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، دينهم النصيحة، وخلقهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيمَ يختصمون؟ ففيمَ يختصمون؟" ....







وتُفتح على بلاد المسلمين الفتوحات الفكرية و الثقافية, وتارة تَهزم, وتارة تُهزم, إلا أن الهزيمة أصبحت في هذا الزمان سرمدية...







لقد عشت لفترة قريبة كان يراودني الأمل في وحدة الصف المسلم و إعادة ترتيب أوراقه, ربطتني علاقة قوية يُغلفها الود و الوفاء و الإخلاص بجميع من حولي, فهذا عنواني "أنا مسلم" ...







تأتي الأيام وتمر, وكلما مرت زادت الفاجعة, وبدأ الأمل يتقلص, وانفتحت الأمة على عالم الحاسوب و الشبكة العنكبوتية, و أدت وسائل النشر وقنوات التلفاز ومواقع الحاسوب إلى دور خطير في نقل أسماء مغمورة من دائرة الظل إلى دائرة الضوء, ومن ظلمات النسيان إلى مجالات الشهرة, و أصبح الصوت العالي وإن كان من غير مضمون, يشد الأذان فيطغى على الصوت الخفيض و إن حمل المضمون القيم المفيد..







اعتلى دعاة اللسان, وأهل النقد و التجريح في هذه الفترة الأمة, و أصبحت الأمة يقودها سليط اللسان جهوري الصوت الذي لا يسأم من النيل في كل من لوَّح بالإختلاف معه حتى و إن كان الأمر في مجرد مسبحة, ولكم يعلم الله أنني كنت أخشى دائماً على إخواني الذي ما عرفت عنهم إلا صفاء السريرة وطيبة القلب ونقاء الفؤاد وعفة اللسان أن يسلكوا درب هؤلاء الخارجين عن أخلاق الدعوة إلى الله...







كلماتي لا تقدح في تيار إسلامي, أو تجرح في شخصية مرموقة, أو تطعن في هيئة دينية, لكن و إن وصل الأمر في أن يأتي صعلوكاً كنا قد أكرمناه, و أغدقنا عليه كلمات الحب و العرفان, وأنعمنا عليه بأحضان من روح الإخوة...إذا به يغمز ويلمز في جانب الأستاذ المرشد بمقولته الشهيرة: "رد قوى على من يظهرون فى الفضائيات فى استضافة امرأة متبرجة" حتى وصلت قلة الأدب في الحوار إلا أن قال أحدهم : "لا يا عم عادي انت ممكن تتكلم عادي وتاخد قبله عالسريع اصل مفيش دليل !!!! ",حتى أخذته ِسنةٌ من الغفلة وبدأ في الإستئساد على أهل الفضل و الصلاح من إخوان الملتقى, و ألقى بكلمات الرعب و التهديد متوشحاً سيفه الأعزل قائلاً: "انا اجزم ان اى من هؤلاء الفئران التى تحتمى خلف الشاشات لو وقفت امام احد علمائنا لتصبب عرقا ورعبا "...كان يضرب له عيارين في الهوا أحسن له :)







بعيداً عن مقولة هذا الصعلوك الذي انتفشت أوداجه, وهاج كالثور العملاق الذي لا يرى أمامه إلا الأحمر, وما رأى ذلك المسكين أن هناك نِصال تقطع وتين من ارتأى لنفسه القدح و التمييز في جناب المرشد العام...











الهمز و اللمز في فضيلة الدكتور المرشد هذه الأيام هو سبيل كل صغير يروم الكبر ، ولو كان كبره ورماً وريشاً منفوشاً يغطي لحماً هزيلاً تملأه البثور والتقرحات وقيح الجهل والصغار ..ليته أشغل نفسه بقضية نافعة ينفع بها غيره ..











قالوا لي اسكت وقد خوصمت قلت*** لهم إن الجواب لباب الشر مفتاح







السكوت عن جاهل أو أحمق شرف***وفيه لصون العرض إصــلاح







أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة***والكلب يخسى لعمري وهو نباح











كم صعباً على الإنسان حين يجد أن أقرب شخص إليه وهو يطعنه بخنجر الجحود والإساءة ... وكم مؤلماً حين ترى أن من قدمت له كل عون وكل ما تستطيع تقديمه من جهد ومن ود وحتى من وقت وهو في نفس الوقت يقابلك بكل لؤم وصلف ناكرا عليك كل جمائلك وأفضالك التي قدمتها له عن طيب خاطر .







والأصعب هي الصورة الجميلة والبهية التي ترسمها لمثل هؤلاء وهي في حقيقتها صورة بالية كالحة تسقط عنها ألوانها المبهرجة عند أول قطرة مطر ... !!!











و الأدهى أن هؤلاء الجاحدين اللئام إنهم يتعمدون نسيان محاسنك ولا يتذكروا حسناتك وحين يذكروك لا يتذكرون إلا عيوبك التي يحاولون أن يتغطوا بها على محاسنك وأن يوهموا أنفسهم بوجودها ((وحتى بفرض وجود هذه المساوئ لعدم وجود أي انسان معصوم من العيوب )) !! .







ولو نأتي ونسلط الضوء على ناكر الجميل وعديم الوفاء فنراه في حقيقته إنه إما أحمق جاهل وحمقه هذا ناتج عن النقص في الوعي يحاول أن يخفيه بإخفاء محاسن الأخرين ، أو ربما هو في أصله حسود ناقم ويحمل حقداً دفيناً في داخله نتيجة عقد الطفولة أو النقص الذي يحويه ، ويحاول هذا الحاقد اللئيم أن يكمله عبر انتقاصه ممن هم افضل منه .







فمن عدم الشكر الى إنكار الجميل إلى الإساءة كل هذه الصفات هي خصال مذمومة لا يحملها البشر الأسوياء والأصحاء (( عقليا ونفسيا )) .







فيفترض بالإنسان السوي أن يكون رديفاً للرقي في التعامل مع أقرانه وزملائه في شتى محاور الحياة العلمية والمهنية والاجتماعية وأن يقابل المعروف بالمعروف والإحسان بمثله او على أقل تقدير بالعرفان وبعكسه سيكون قريبا للحيوان المفترس الذي يتحفز للانقضاض على فريسته وبكل الطرق الوضيعة والمشينة ... ولا يترك فريسته إلا بعد ان ينهشها نهشاً لا يبقي منها شيئا .







إلا إن العزاء الوحيد هو أن هؤلاء الاشخاص لا يستطيعوا أن يحافظوا على الصورة البراقة التي يرسموها لأنفسهم فترة طويلة فسرعان ما تتضح أمام الجميع وعندها سيكون أمثالهم منعزلين في قواقع عقدهم قابعين في كهوفهم المظلمة ، فكما هو معلوم أن حبل الجاهلون قصير ولا يدوم طويلا ... فليس من الصعب أن تعيش طاعناً جاهلاً ولكن ليس من السهل أن تبقي الأخرين يصدقون طعنك و جهلك .











إن أنت أكرمت الكريم ملكته ***وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا















وقبل الحديث المُطوَّل على الرد لهذه الجمل الخبيثة التي خدشت حياء الأخوات قبل أن تؤذي نفوس الإخوان, أنوه للقراء الكرام أنني قبعت أدافع عن تيارهم الأعوج في الدعوة بدعوى أنهم إخواننا من أهل السُنَّة, وربما قد لُقبت بـ "من يتصف بالحمارية" من قِبل أخ متفضل فاضل في سبيل الذب عن دعوتهم, وقد هجرت العديد من إخوان الملتقى مثل : محب منهج الإمام, عماد عقل, قاسم البراوي, أحمد عناني, فارس اللواء, موسوعة الأزهر حباً ودفاعاً عنهم, إلا أنهم أنكروا هذا الجميل, وطعنوا في قادتنا و استهزأوا بهم على أعين الإخوان, واسترهبونا بتهديداتهم, ولما لا وقد أنزلوا القداسة على علمائهم ومشايخهم, حتى طارت عقولهم, وصدحت ألسنتهم بما ليس فيه من الحق, حتى اعتلت شفهاهم بتلقيب أحدهم "أعلم أهل الأرض"..







والقاريء لحديثي يظن أنني سأقوم بقدح الشيخ الكبير, حاشا لله أن ينطق هذا الفم, أو أن تكتب هذه الإصبع ما ليس بحق, أو أن تُقلل من قدر عالم معروف بمنافحته و غيرته على الدين أياً كانت دعوته وطريقته ما توافقت على الشرعية الإسلامية وكفاني من حديث رسول الله: "إن من إجلال الله: إكرام ذو الشيبة المسلم, و الحامل للقرآن غير الجافي أو المغالي فيه" , لكن اعتراضي على هذه القداسة التي لا تقبل حق الانتقاد كما أتاحوا لأنفسهم حق الانتقاد للقاء الدكتور محمد بديع وبصورة مقززة تشمئز منها نفوسنا العفيفة عن الولوج في الخطأ وتلمس العيوب, ونسوا أن الشيخ ابن باز أجاز الصلح مع الكيان الصهيوني كما أفتى الشيخ الألباني بوجوب هجرة أهل فلسطين من أرضهم لأنها أصبحت أرض كفار... فهذا تبيان لهؤلاء الجرذان حتى يعلموا أن كل ان آدم يؤخذ منه ويرد...






































يقول أعلم أهل الأراضين السبع و السموات وما بينهما في هذا المقطع الذي تحدث عن دور العلماء في نصرة الإسلام,وتبرير غريب عن دور علماء الإسلام في وجوب الصدع بكلمة الحق في وجه الباغي الذي اشتهر بفساده وبحربه على الإسلام :







"زمان العز بن عبد السلام ليس كزماننا, زمانه كان يُجل فيه العلماء...فالإخوة اللي عمالين يقولوا العز بن عبد السلام لماذا لا تفعلون مثله..اقرأ حياة العز ثم اقرأ زمان العز...ثم اقرأ زماننا, واعرف الفرق, لو كان هناك من سبيل لكنا في مقدم الصفوف....أنا لا أُفضل نفسي على أحد..أنا أعيش الإسلام كقضية مش علم بارد ما بنقراش ورق, ولا بنقعد نتكلم كلام بارد... نحن نعيش الإسلام كقضية منذ أن عرفت يميني من شمالي...أي شيء من الاخطاء أنا لا أسمح بها في محيطي أو في أسرتي...ظللت مدة كبيرة أنكر على أولادي إن الواحد منهم يشيل محمول..ليه؟!! أنا شايف المحمول ظاهرة مرضية مش صحية, ولا يجوز لأحد من أهل العلم أن يجر الداء إلى بيته... "







طبعاً انتهى الحديث و استطعت أن أقتبس جزء من حديثه المُطول لمدة عشر دقائق, وتم توضيح وجهة نظر الشيخ الكبير حفظه الله الذي أقحمته نفوس الصعاليك في دائرة (لا غبار عليه), ووضح نظرته أن العلماء الآن ليسوا في زمان العز بن عبد السلام الذي كان يُكرم فيه العالم ولا يُهان...







يقول الإمام الشافعي:







أنا إن عشت لست أعدم قوتــاً*** و إذا مت لست أعدم قبراً







همتي همة الملـــوك ونفسي***نفس حرٍ ترى المذلة كفراً







و إذا ما قنعت بالقوت عمـري*** فلماذا أخاف زيداً وعمرواً؟







لو كان اللطم حلالاً لفعلت, يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مستدركه:"إذا كانت أمتي تهاب للظالم أن تقول له أنت ظالم, فقد تُودع منها" , وربما خطب خليفة رسول الله ونادى في جمع المسلمين قائلاً: "فإن رأيتموني على خير فسددوني, و إن رأيتموني على شر فقوموني" , قبل أن أسمع هذا الحديث قلت في قرارة نفسي لعل وعسى أن يكون الشيخ قد راسل هذا الحاكم الظالم يأمره وينهاه سراً كما حث رسول الله في حديثه: "أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر", أو أن يقوم بتوضيح هذا الظلم الفادح لشعوبنا المستضعفة التي رأت حسن المئال في كلام شيوخنا الأفاضل, لكن بعد هذا الحوار قلت يحق لهذا الحاكم أن يجعل من مصر معبراً للرذيلة بعدما فضحته هآارتس, يحق له أن يصنع جداراً فولاذياً لخنق الجهاد في فلسطين, يحق له أن يُهنيء الصهيوني الأكبر باحتلال فلسطين, يحق له أن يضرب الإسلاميين عموماً و الإخوان على وجه الخصوص, لأنه ظهر من فئة علماء أهل الإسلام من يخرج بتثبيط الهمم ومن ينكر على المجاهدين جهادهم ويخرج بنظرية "استحالة اختراق حوائط بني صهيون بصواريخ حماس", يحق لهذا الحاكم أن يفعل كما يرد وكما يشاء يا أعلم أهل الأرض لأنه ظهر شيوخ من فئة "ابكِ على خطيئتك, واذرف الدمع على لحيتك, وهنيئاً لك طاما لا تتحدث في غلاء اسعار, أو انتشار أمراض مفتكة تعصف بصحة مساكين تلك البقعة, أو تنهر القوانين الوضعية التي تأتي من الأمم المتحدة و التي تسلخ الأمة من هويتها" , يحق له أن يفعل ما يريد وقتما يشاء لأنه خرج شيوخنا أصحاب اللحى و الإسبال يقولون أن معبر رفح المرور به طبيعي وغير مغلق تماماً إبان الحرب على غزة...نرى تلاميذك يصرخون بضرورة طاعة ولي الأمر, وعندما يأمر ولي الأمر أمراً ليس فيه مصلحتكم نرى التبريرات العجيبة و التصريحات الغريبة في عدم طاعة ولي الامر, ولكم في تصريحات أن يكون علماء الفضائيات خريجي أزهر دليلُ وبرهان..







لا أعلم هل تناسيت شيخنا أن العز ابن عبد السلام أفتى بتحريم بيع السلاح في دمشق إلى الصليبيين لأنهم يقاتلون به المسلمين,فقام الصالح إسماعيل بعزله عن منصبه في القضاء، ومنعه من الخطابة، ثم أمر باعتقاله وحبسه، وبقي العالم الجليل مدة في السجن، ثم أُخرج من سجنه ولكنه مُنع من الكلام والتدريس والخطابة, وذهب إلى بيت المقدس, ليجد فرصة لتعليم الناس بدلاً من السكوت في دمشق,ولكنه فوجئ بالصالح إسماعيل يأتي إلى بيت المقدس ومعه ملوك الصليبيين وجيوشهم وهم يقصدون مصر لاحتلالها، وأرسل الصالح إسماعيل أحد أتباعه إلى الشيخ العز بن عبد السلام رحمه الله، وكان متلطفاً له غاية التلطف، بل ووعده بالعودة إلى كل مناصبه بشرط أن يترضى الصالح إسماعيل، ويعتذر له، وبشرط ألا يتكلم في أمور السياسة، وإلا اعتقله, وقال: ""بينك وبين أن تعود إلى مناصبك وما كنت عليه، وزيادة، أن تنكسر للسلطان، وتُقبل يده لا غير!"..فقال العز بن عبد السلام: ""والله يا مسكين، ما أرضاه أن يُقبل يدي، فضلاً أن أقبل يده، يا قوم: أنتم في واد، وأنا في واد، والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به"..فأمر الصالح إسماعيل باعتقال الشيخ الكبير في بيت المقدس، ووضعه في خيمة مجاورة لخيمته، وكان الشيخ عزّ الدين رحمه الله يقرأ القرآن في خيمته، والسلطان الصالح إسماعيل يسمعه، وفي ذات يوم كان الصالح إسماعيل يتحدث مع ملوك الصليبيين في خيمته والشيخ يقرأ القرآن، فقال الصالح إسماعيل لملوك الصليبيين وهو يحاول استرضاءهم: "تسمعون هذا الشيخ الذي يقرأ القرآن؟ قالوا: نعم، قال: هذا أكبر علماء المسلمين، وقد حبسته لإنكاره عليّ تسليمي حصون المسلمين، وعزلته عن الخطابة بدمشق، وعن مناصبه، ثم أخرجته فجاء إلى القدس، وقد جددت حبسه واعتقاله لأجلكم"..







يقول الصالح إسماعيل هذا الكلام ليسترضي ملوك النصارى، فقال له ملوك النصارى وقد سقط تماماً من أعينهم: "لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه، وشربنا مرقتها!"..











نعم شيخنا أبو إسحاق كان علماء المسلمين لا يأبهون بتكريم أو تذليل لأن لكلمة الحق وجهٌ واحد...هل قرأت ماذا فعل الحسن البصري مع الحجاج بن يوسف؟؟!! هل قرأت ما فعله القاضي منذر ابن سعيد مع عبد الرحمن الناصر؟!!هل قرأت ما فعله عطاء بن أبي رباح مع عبد الملك ابن مروان؟!! بل هل قرأت ما فعله أبو الحسن الزاهد مع أحمد بن طولون؟!!!







أم أن كلمة الحق وإنكار المنكر عندك أقصاه أن تمنع الهاتف الخلوي عن محيط أسرتك...هل هذا هو غاية درء المفاسد يا أهل العلم, يا من أخذتم العهد لتبيينه للناس ولا تكتمونه حديثاً؟!!! أهذا منتهى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر...أن تمنع الهاتف الخلوي عن محيط بيتك؟؟؟ و أين حق بيتك الأكبر أمة الإسلام..ألا يحق لها أن تمنع الفتنة عن محيطها؟؟







نضر الله وجهك شيخنا سيد عسكر عندما قمت لله وهببت منافحاً عن كتابه الذي دُنس, فقام زبانية أمن الدولة بسحلك وضربك على قفاك....شفاك الله أستاذي لاشين أبو شنب ,يا من بلغت من عمرك الثمانين وما زلت تتنزه بين جنبات السجون على رغم مُصابك بالشلل النصفي...ورحم الله الطغرائي في لاميته حين قال:







حب السلامة يُثني هم صاحبه*** عن المعالي ويُغري المرء بالكســل







فإن جنحت إليه فاتخذ نفقــاً*** في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل







يقول الأستاذ عبد الله ناصح علوان رحمة الله عليه: " إن الذين يعتذرون عن واجب الدعوة, وعن تبليغ رسالة الإسلام بكلمات مُقنعة يرضون بها أنفسهم وضمائهم, ويعتذرون بالضعف, و الأهل, و العيال, وقطع الرزق, ويعتذرون بما يتحسبون به من أذى في تبليغ الدعوة, و إعلان كلمة الحق...







ـــــــــــــــــــــــــــــ







نقول لهؤلاء جميعاً:







ـــــــــــــــــــــــــــــ











إن الإسلام بني حقيقة التوحيد على الإيمان بالله, والرضى بقضائه وقدره, و التسليم لجنابه فيما ينوب ويروع...أما من يخاف الناس على رزقهم ومعاشهم ويحسبون الف حساب للاضطهاد و الأذى...فهذا شأن الرعديد الجبان الذي لم يذق في قلبه طعم الغيمان, و الذي لم يفهم أن الله سبحانه هو المُغني و المُفقر, و المُعطي و المانع, و المعز و المذل, و القاضي و المُقدر...وهو على كل شيءٍ قدير".



















إياكم وفضيلة المرشد يا أقزام الملتقى















بعدما رأينا الهالة المُقدسة على أعلم أهل الأرض و التي خلقت نوعاً من الغشاوة على عيون الناس ليس إلا أن هذا الجيل الكريم لا ينتظر العلم ليجاري به العلماء, إنما ليرفع به الأمة ويُجِل به أهل الفضل, لكن هذه النظرية أعمت أبصار من يأخذون العلم الشرعي نكاية في الصوفية أو المعتزلة أو الأشعرية أو حتى الإخوان, حتى وصل الامر إلى القدح في فضيلة المرشد و الغمز و اللمز, ولما لا وقد أخذوا من علمهم الظاهر ولم يتغوصوا في علوم الشريعة حتى تتجلي الحقيقة, وينقشع ظلام الشبهات...







طالت في الفترة الأخيرة الاتهامات ضد الإخوان سواء من المنشقين على الجماعة, أو الحرب عليهم و المتمثلة في الاعتقالات من جهة, و الغزو الفكري من جهة أخرى من خلال الحملة المرتقبة للهجوم على الإخوان, ولا سيما لمن هم في داخل مصر يعوون جيداً أن الإخوان كثقل دعوي وسياسي لها أثر بارز في نشاط الحركة الإسلامية, لذلك فإن صغيرة الإخوان كبيرة,و إنه من البديهي ومن حسن المنطق أن يُلبي المرشد العام أي دعوة يكون من خلالها تثبيت صف الإخوان, وردع الشبهات التي طالت الإخوان الفترة القادمة, و أيضاً إزالة التلبيس الفكري الجاثم على عقول الكثير من متابعي الحياة العامة في مصر...







ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض نفسه على القبائل, وقابل وفود المدينة في بيعة العقبة الثانية وكان من بينهما امرأتين..







ولذلك دفع علماء الشريعة عدة مزايا للشريعة الإسلامية منها التيسير ورفع الحرج, و أيضاً رعاية مصالح البشر, ولما كانت المصالح العظمى للإخوان هي نصرة شرع المولى الحنيف, و إعلاء كلمة دينه, فأعتقد من يُشبه لقاء المرشد باللقاء الرومانسي,نقول له مكانك...







إذا كان حجاب منى الشاذلي "ضرر خاص" له الفتح الكبير على الإخوان في تثبيت الصف, وتحسين الصورة الملتبسة في أذهان الآخرين "ضرر عام" , ولذلك قال علماء الشريعة (يُتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام) , وأيضاً القاعدة الشرعية (يُرتكب أخف الضررين لاتقاء أشدهما), وكما وضح الشرع ألا يُراعى تحسيني على حاجيّ, و ألا يُراعى تحسيني وحاجي على ضروري....







أما صعاليك هذا الزمان لا يفهموا معنى الانقياد في جماعة أو حفاظ على الصف, فنحن لسنا قطيعاً من الغنم لا يأبه بمن يجذبه من خطامه, وهذه كلمة أقولها: سأكون في صف كل أخ يوضح مخابلكم الفقهية, وعتهكم الشرعي حتى تعتذروا على مرأى من الجميع....وقد أعذر من أنذر







أما فضيلة المرشد..اسلك سبيلك حيث شئت, فهذا عزمٌ لا يفله إلا الله..

الخميس، 6 مايو 2010

منهج التزييف عند اليهود






منذ بدأ عهد الرسالة وبعث نبيا محمد صلى الله عليه وسلم  أوقع اليهود بتاريخ الأمة المسلمة الكثير من التشويه والتزييف ، واستمر هذا التزييف إلى أن اغتُصبت ارض المسلمين في فلسطين ، فأكملوا رسالتهم في تزييف التاريخ لطمس جريمتهم ، لكي يبدوا أمام العالم وكأنهم لم يأخذوا إلا حقا لهم ، ولم يغتصبوا أملاك غيرهم.



وجهود اليهود ما زالت تتظافر للوصول إلى الغاية المنشودة عندهم، وهي: التدليل على المكانة الهامشية التي تحتلها مدينة القدس وبيت المقدس في الشريعة الإسلامية، ومقابل ذلك السعي لإثبات أهميتها ومكانتها المركزية في التصورات اليهودية!!


رادفه جهد كبير يبذله مستشرقون يهود وآخرون غربيون يشايعونهم، بغرض إظهار أن لا مكانة مميزة لبيت المقدس في صدر الإسلام!! ولم يكن ذا أهمية شرعية أو حضارية للمسلمين الأوائل، وأن فتح بيت المقدس كان طارئاً؛ ولم يكن مقصودا لذاته!! والاستدلال على ذلك بمرويات واهية وساذجة لا يُعتد بها!



فلا تكاد تجد بحثاً وكتاباً، أو تحقيقاً وإصداراً للباحثين اليهود إلا ويؤكد: أن قدسية مدينة القدس يشوبها الكثير من الشكوك، فلم يكتف اليهود بسلب القدس واحتلال أرض فلسطين بالقوة والسلاح، بل ما زالت محاولات اليهود مستمرة لسلب القدس من أصحابها الشرعيين تراثاً وتاريخاً؛ عبر كتاباتهم ودراساتهم ونشراتهم، والتي حاولوا أن يتصنعوا فيها المنهج العلمي والسمة الموضوعية فيما يزعمون.



وهم في الحقيقة ضربوا بعرض الحائط كل قواعد البحث العلمي، وصاغوا تاريخ القدس بأسلوب خبيث أدخلوا فيه الكثير من الطعن والدَّسِ ليخلصوا في النهاية بأن القدس ليست مقدسة في الشرع الإسلامي، وأن المسجد الأقصى لا إجماع بين المسلمين على فضله!!


وليس ذلك بمستغرب ، فالكذب من أبرز صفاتهم التي لا تنفكُّ عنهم ماداموا هم يهود ، فقد كذبوا على الله ،قال تعالى : " ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون" ، وعملوا على خداع أهل الإيمان ، قال تعالى : " يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون "، وبدى منهم الغيظ والحقد ، قال تعالى : "قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر "


فادعاء الباطل واستخدام أدواته صنعة يجيدها اليهود ، هذا ما أخبرنا به الباري عز وجل ، قال تعالى " وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً " ؛ ووصل بهم التحريف والتزييف بأنهم حرفوا كتاب الله التوراة ، قال تعالى " من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه " ، ولم يكتفوا بالتحريف والتأويل وزادوا عليه الكذب والافتراء ، قال تعالى " ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأُميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون"






كما عادوا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، رُوي بالسند إلى صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها قالت: " سمعتُ عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب: "أهو هو؟" - وذلك بعد أن ذهبا إليه وجلسا إليه وسمعنا منه- قال: نعم والله، قال أتعرفه وتثبته؟ قال نعم، قال: فما في نفسك منه ؟ قال: عداوته والله ما بَقيتُ"






وبالفعل مع معرفتهم أنه رسول من عند الله تعالى كان حيي وأخوة عدوين لله ورسوله مدة حياتهما، بل كانا من أشد اليهود عدواة وحقداً، وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام ، وذلك مصداق لقوله تعالى : " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا "

وعملوا على طمس الحقائق وتحريفها ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال :" إن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجدون في التوراة  في شأن الرجم ؟ فقالوا نفضحهم ويجلدون . قال عبد الله بن سلام : كذبتم إن فيها الرجم ، فأتوا بالتوراة ، فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، فقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال له عبد الله بن سلام : ارفع يدك ، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم ، قالوا صدق يا محمد ، فيها آية الرجم ، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فَرُجماً "

 وأظهروا عداءهم للمؤمنين في قصتهم مع إسلام عبد الله بن سلام ؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - لليهود - : أي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟ قالوا: أعلمنا، وابن أعلمنا، وأخيرنا، وابن أخيرنا، فقال رسول الله r: أفرأيتم إن أسلم عبد الله؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك، قال: فخرج عبد الله إليهم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فقالوا: شرنا، وابن شرنا، ووقعوا فيه قال – يعني ابن سلام- هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله "

وقد لخص ابن القيم الجوزية - رحمه الله - ما وصفهم به الله تعالى في كتابه ، أوصاف لازمتهم بقوله : "فالأمة الغضبية هم : " اليهود " أهل الكذب والبهت  والغدر والمكر والحيل ، قتلة الأنبياء وأكلة السحت – وهو الربا والرشا – أخبث الامم طوية ، وأرداهم سجية ، وأبعدهم من الرحمة ، وأقربهم من النقمة ، عادتهم البغضاء ، وديدنهم  العدواة والشحناء ، بيت السحر والكذب والحيل ، لا يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم من الأنبياء حرمة ، ولا يرقبون في مؤمن إلّا ولا ذمَّة ، ولا لمن وافقهم عندهم حق ولا شفقة ، ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نصفه ، ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أمنة ، ولا لمن استعملهم عندهم نصيحة ، بل أخبثهم أعقلهم ، وأحذقهم أغشهم ، وسليم الناصية – وحاشاه أن يوجد بينهم – ليس بيهودي على الحقيقة ... أضيق الخلق صدوراً ، وأظلمهم بيوتاً ، وأنتنهم أفنية ، وأوحشهم سجية ، تحيتهم لعنة ، ولقاؤهم طيرة ، شعارهم الغضب ، دثارهم المقت"



وهكذا فالكذب وإطلاق الشائعات والخداع من أساليب اليهود المتأصلة في نفوسهم التي لا تنفك عنهم مهما طال الزمان وتعاقبت العصور ، فهذه جِبلتهم ، وقد وجدوا في الكذب وإطلاق الشائعات والشبهات الوسيلة المثلى التي تنسجم مع طبائع نفوسهم وتساير أفكارهم الماكرة ، وتحقق أطماعهم ، وتبرر ممارساتهم ؛ "قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر "




التبديل والتحريف صنعة يهود :


سلك اليهود مسلكين رئيسين في تزييف الحقائق التاريخية ، الأول هو قلب الحقائق بمزاعم أشاعوها لمقاصد محددة وأهداف موضوعة ؛ وعمدوا كذلك إلى مسلك ثانٍ وهو في غاية الخطورة ، ولا يقل أثراً عن التزييف والتحريف ، ألا وهو السكوت عن الحقائق التاريخية أو إغفالها وكأنها غير موجودة ، وتجاوزها بقصد الطمس والتغافل ، فأحداث تاريخية ووقائع ثابتة لا تذكر ، على أمل لديهم أن يؤدي ذلك إلى نسيانها .


والتزييف الأكبر الذي اقترفته اليهود هو عبثهم في التوراة التي حرفتها أيديهم ، فالتوراة لم تسجل إلا بعد موت موسى – عليه السلام – بحوالي ثمانمائة سنة أو يزيد ، فظلت تتناقل شفاها طيلة هذه المدة ، وتتعرض خلالها لا للتنقيح والتهذيب ، ولكن للحذف والإضافة  ؛ حسب هوى ومقاصد كهان اليهود ،


وطفحت بذلك التوراة المزعومة – لأن التوراة قبل التحريف تكاد تكون قد اختفت من كتب اليهود – بقصص وتاريخ زاخر بالتخريف والأساطير والأباطيل .



وقد كانت التوراة موجودة بتمامها إلى عصر زكريا ويحيى وعيسى ابن مريم عليهما السلام  , وبعد هذا العصر شرع بنو إسرائيل في إخفاء بعض التوراة وتأويلها, وتحريفها, وتبديلها,وتغييرها, قال تعالى : " وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتب تحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون" [آل عمران:78]



قال ابن كثير: " أخبر الله تعالى أنهم يفسرونها ويتأولونها, ويضعونها على غير مواضعها, وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء, وهو أنهم يتصرفون في معانيها, ويحملونها على غير المراد, كما بدلوا حكم الرجم بالجلد والتحميم, مع بقاء لفظ الرجم فيها, وكما أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه, وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد, مع أنهم مأمورون بإقامة الحد والقطع على الشريف والوضيع"


ومن درس التوراة وجد فيها طامات وأكاذيب لا يمكن أن تكون منزلة من عند الله, ووجد فيها نصوصا صحيحة أخبر قرأننا بصحتها, وقد نقل ابن كثير عن شيخه ابن تيمية أنه قال بهذا القول, ورجحه, وفي ذلك يقول: " وذهب آخرون من العلماء إلى التوسط في هذين القولين منهم شيخنا الأمام العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمة الله تعالى, فقال: أما من ذهب إلى أنها كلها مبدلة من أولها إلى آخرها, ولم يبق منها حرف إلا بدلوه, فهذا بعيد, وكذا من قال لم يبدل شيء منها بالكلية بعيد أيضا, والحق أنه دخلها تبديل وتغيير, وتصرفوا في بعض ألفاظها بالزيادة والنقص, كما تصرفوا في معانيها, وهذا معلوم عند التأمل" [البداية والنهاية:2/149]



وإذا كان بعض التوراة صحيحاً وبعضها محرفاً , فما دلنا القرآن أو صحيح الأحاديث على صحته أخذنا به وقلناه , وما دلتنا على كذبه وبطلانه رددناه, وما ليس فيه بيان, وليس فيه ما يكذبه القرآن والحديث فلا نصدقه ولا نكذبه وقد استخدم سادة اليهود سلاح الكذب والتزوير في تحويل التوراة المحرفة والتلمود الخرافي إلى كتاب في الجغرافيا والتاريخ والسياسة لخداع الرأي العام العالمي وتسخيره لتحقيق أطماعهم ومخططاتهم ، فما تركوا بقعة في فلسطين من جبل ولا نهر ولا حجر ولا سهل ولا وادٍ إلا زعموا أن الرب ذكره في كتبهم المحرفة فزعموا له اسماً غير اسمه، وأطلقوا مصطلحاً لم يكن يعرف به ، ويدعون أنها مقدسة بين ليلة وضحاها ، وذلك ليوهموا العالم أن تلك الأماكن وتلك المسميات لها دلالات دينية في التوراة المحرفة

وأكسبوا تلك المزاعم صبغة القداسة لأنها استمدت حسب زعمهم من كتبهم المقدسة ، واجتمع بذلك التزييف مع الغي والجهل ، وادعوا بذلك أن إبراهيم كان يهودياً ؛ والله تعالى يقول : " مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " ، آل عمران:67 .

وقالوا أن اسحق ويعقوب كانوا يهوداً ؛ والباري عز وجل يخبر الناس جميعاً أنهم كانوا مسلمين ، وهذا من دعاءهم لله : " ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك " ، وأولى الناس بإبراهيم هم المؤمنون من أتباعه ومحمد وأمته قال تعالى : " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبيُّ والذين آمنوا والله ولي المؤمنين " ( آل عمران : 68 ) .






وهل يقول عاقل أن إبراهيم كان يهودياً – ألا وقالوها - وقد أنزلت التوراة والإنجيل من بعده ؟! وهل يتبع المتقدم المتأخر ؟! قال تعالى : " يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون (آل عمران : 65 ) .






وأمانيهم الباطلة التي تمنوها على الله عز وجل أضحت عندهم حقائق وثوابت ، مثل ما أخبرنا الله عن قولهم : " لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى" سورة البقرة ، آية 111 ، وقولهم : " لن تمسنا النار إلا أياما معدودة البقرة "  آية 80 ، وقولهم " نحن أبناء الله وأحباؤه " المائدة ، آية 18 ، فهم تمنوا أشياء لن تحصل لهم ، ومع ذلك صدقوا ما تمنوا !!






وهذا ليس غريباً على الأخلاق اليهودية الواضحة الجلية للعالم أجمع ، فتلبيس الحقائق ، وتحريف الدين ، وتزييف التاريخ خُلُقٌ متأصل في نفوس اليهود واتباعهم ، قال تعالى : " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون"

 قال البغوي في تفسيره : وذلك أن أحبار اليهود خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فاحتالوا في تعويق اليهود عن الإيمان به فعمدوا إلى صفته في التوراة ، وكانت صفته فيها : حسن الوجه ، حسن الشعر ، أكحل العينين ، ربعة ، فغيروها وكتبوا مكانها طوال أزرق سبط الشعر ، فإذا سألهم سفلتهم عن صفته قرءوا ما كتبوا فيجدونه مخالفا لصفته فيكذبونه وينكرونه .






ومن تلك الأباطيل ما وصف به أنبياء الله تعالى في ما أسموه التوراة – التي حرفتها أيديهم - وما نسبوا إليهم ما لا يليق بهم من المعاصي والذنوب ، سواء كانت من الكبائر ، أو من رذائل الأعمال والأوصاف . ومن صفات الأنبياء عندهم : الكذب ، و شرب الخمر ، و الزنا ، و عبادة الأوثان ، و البله والبخل وعدم الفطانة ، وغير ذلك مما لا يجوز عليهم ، ولم تكتف التوراة بذلك ، بل جعلت منهم أبطالاً للجريمة ، وقادة للمعصية ، والغريب أنه لم يسلم نبي من أنبياء الله من طعنهم وتجريحهم !.


 
 
عيسى القدومي
 
مركز بيت المقدس للدراسات الوثائقية